حميتي: لا تهاون مع من ارتكب تجاوزات في الفاشر وسنحاسبهم بالقانون

حميتي: لا تهاون مع من ارتكب تجاوزات في الفاشر وسنحاسبهم بالقانون
حميتي: لا تهاون مع من ارتكب تجاوزات في الفاشر وسنحاسبهم بالقانون


 في أول تعليق رسمي بعد سيطرة قواته على مدينة الفاشر، أعلن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” تشكيل لجنة تحقيق في الانتهاكات التي وُصفت بأنها جرائم إبادة جماعية، مؤكداً التزامه بمحاسبة المسؤولين عنها، في وقت تواجه فيه قواته اتهامات محلية ودولية بارتكاب فظائع واسعة النطاق بحق المدنيين.

في خطاب مصور بثه عبر منصات التواصل، أعلن حميدتي، الذي يرأس المجلس الرئاسي لتحالف السودان التأسيسي، تشكيل لجنة قانونية للتحقيق الفوري في الانتهاكات التي شهدتها مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور. وأكد أن اللجنة باشرت عملها بالفعل، وأن نتائج التحقيق ستُعلن أمام الجميع دون تأخير. وشدد على أن أي جندي أو ضابط يثبت تورطه في تجاوزات أو اعتداءات ضد المدنيين سيُحاسب وفق القانون، في محاولة لاحتواء موجة الغضب المتصاعدة إزاء ما جرى في المدينة.

واجه قوات الدعم السريع اتهامات متزايدة بارتكاب مجازر جماعية في الفاشر، بعد أن استولت عليها السبت الماضي عقب حصار دام أكثر من عام ونصف. تقارير إعلامية، من بينها ما نشرته صحيفة الشرق الأوسط، تحدثت عن حملة رعب شنتها القوات في المدينة، تضمنت إعدام أكثر من ألفي مدني خلال أيام، إلى جانب انتشار مقاطع مصورة تظهر عمليات قتل بدم بارد نفذها عناصر من الدعم السريع. هذه الاتهامات أثارت ردود فعل دولية غاضبة، وسط مطالب بفتح تحقيق دولي مستقل في الجرائم المرتكبة.

في خطابه، شدد حميدتي على ضرورة احترام القانون في التعامل مع الأسرى، سواء كانوا عسكريين أو مدنيين، قائلاً إن قتل الأسير ممنوع حتى لو كان منتمياً لتنظيم إرهابي. وحذر عناصر قواته من التعدي على حقوق المواطنين أو ممتلكاتهم، مؤكداً أن أي انتهاك سيُواجه بإجراءات قانونية صارمة. هذه التصريحات تأتي في ظل تصاعد المطالب الحقوقية بمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، وضمان عدم تكرارها في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.


أعلن حميدتي السماح بحرية الحركة للمدنيين داخل الفاشر، ووجّه وزيرة الداخلية والجهات القانونية في حكومته بإطلاق سراح أي محتجز مدني تم اعتقاله بطرق غير قانونية. كما تعهد بخروج قواته من المدينة فور اكتمال عمليات التأمين وإزالة الألغام ومخلفات الحرب، على أن تتولى الشرطة مسؤولية حفظ الأمن لاحقاً. هذه الخطوة تهدف إلى تهدئة الأوضاع في المدينة، التي شهدت انهياراً واسعاً في بنيتها الأمنية والخدمية خلال الأسابيع الماضية.

دعا حميدتي شباب الفاشر إلى المشاركة في جهود إعادة الإعمار، مشيراً إلى أن الأولوية ستكون لإعادة تشغيل المستشفيات ومحطات المياه والكهرباء، وتوفير الأدوية بالتعاون مع المنظمات الإنسانية. كما طالب المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية بالتدخل العاجل لإغاثة المدينة ومحيطها، بما في ذلك مناطق دارفور وكردفان، مؤكداً أن الفاشر لا تزال مليئة بالألغام والعوائق التي تعيق عودة السكان إلى منازلهم. وأوضح أن فرقاً هندسية تعمل على إزالة هذه المخلفات بالتعاون مع جهات دولية متخصصة.

في معرض حديثه، رفض حميدتي أي دعوات لتقسيم السودان أو فصل دارفور وكردفان، معتبراً أن من يطرح مثل هذه الأفكار لا يدرك طبيعة المشهد الوطني. وقال إن قواته لن تفرط في شبر واحد من أرض السودان، وإن تحرير الفاشر يمثل خطوة نحو تعزيز وحدة البلاد لا تفتيتها. هذه التصريحات تأتي في ظل تصاعد الخطاب الانفصالي في بعض الأوساط، على خلفية الانهيار الأمني والسياسي الذي تشهده البلاد منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023.

جدد حميدتي تأكيده أن الحرب فُرضت على قواته، وأنه غير سعيد بخوضها، لكنه اعتبر الدفاع عن النفس واجباً لا مفر منه. وقال إن قواته تقاتل جماعات إرهابية مدعومة من الخارج ومن أبناء السودان الذين وصفهم بـ”المغشوشين”، مؤكداً أن قوات الدعم السريع أهل سلام، لكنهم اضطروا للرد على التهديدات. كما شدد على التزامه بالتحول الديمقراطي، وتأسيس حكومة مدنية كاملة، وبناء جيش جديد يخضع للقيادة المدنية، رافضاً ما وصفه بالإصلاحات الشكلية داخل الجيش والمؤسسات.

في ختام خطابه، وجّه حميدتي رسالة طمأنة إلى أهالي الفاشر، متعهداً بعودتهم إلى منازلهم خلال أيام بعد اكتمال عمليات التأمين. وأعرب عن أسفه لما أصابهم، قائلاً إن ما حدث كان اضطرارياً، لكنه وعد بأن تعود المدينة إلى الاستقرار قريباً. كما دعا المجتمع الدولي والإقليمي إلى الوقوف بجانب السودان في جهود إعادة الإعمار، مؤكداً أن المرحلة المقبلة تتطلب تضافر الجهود لإنهاء آثار الحرب وبناء مستقبل جديد للبلاد.


تعليقات