تستعد قبرص لإطلاق ما يُوصف بأنه أكثر خططها طموحاً وفعالية حتى الآن للتعامل مع ملفات اللجوء، وذلك بوضع هدف جريء لـ ترحيل عدد "قياسي" من طالبي اللجوء قبل نهاية عام 2025. هذه الخطوة تأتي مدعومة بشكل مباشر وتحت مظلة الاتحاد الأوروبي، في محاولة واضحة لتخفيف الضغط الهائل الذي تشكله طلبات اللجوء المتزايدة على موارد الجزيرة الصغيرة.
لطالما كانت قبرص، بحكم موقعها الجغرافي، نقطة وصول رئيسية للمهاجرين وطالبي اللجوء القادمين عبر مسارات شرق البحر الأبيض المتوسط، مما جعلها صاحبة أعلى نسبة طلبات لجوء مقارنة بعدد السكان في الاتحاد الأوروبي لسنوات متتالية. وقد دفعت حالة "الاكتظاظ" في مراكز الإيواء والمطالب الشعبية المتزايدة الحكومة إلى العمل بسرعة وبتنسيق غير مسبوق مع بروكسل.
كيف ستعمل الخطة؟
تعتمد الخطة القبرصية-الأوروبية الجديدة على محورين رئيسيين:
تسريع دراسة الطلبات ورفضها: سيتم تخصيص موارد إضافية وبدعم فني من وكالات الاتحاد الأوروبي المتخصصة (مثل "وكالة اللجوء الأوروبية" - EUAA) لـ تسريع عمليات التدقيق في طلبات اللجوء. هذا التركيز يعني أن الطلبات التي تُعتبر غير مستحقة للحماية سيتم رفضها في وقت قياسي، مما يفتح الباب أمام إجراءات الترحيل الفوري.
زيادة وتيرة الترحيل الفعلي: لم يعد الأمر مقتصراً على مجرد إصدار قرارات الترحيل، بل أصبح الهدف هو تنفيذها. ستستفيد نيقوسيا من الدعم اللوجستي والتمويل الأوروبي لعقد اتفاقيات إعادة قبول مع دول المنشأ أو دول العبور، بالإضافة إلى توفير رحلات جوية منظمة لتسفير المرفوضة طلباتهم بأكبر قدر ممكن من الكفاءة.
تهدف قبرص، من خلال هذا التعاون الوثيق، إلى أن تكون قادرة على ترحيل عدد يفوق بكثير المعدلات السنوية السابقة، آملةً في إعادة التوازن إلى نظامها الخاص باللجوء واستقبال المهاجرين.
ما وراء الأرقام: رسالة إلى المهربين
هذه الخطة، وإن كانت تتعلق بالأرقام والإجراءات، تحمل أيضاً رسالة قوية موجهة إلى شبكات التهريب. فكلما زادت سرعة وكفاءة قبرص في ترحيل الوافدين الذين لا يثبت أحقيتهم بالحماية الدولية، تضاءل جاذبية الجزيرة كـ "بوابة" عبور سهلة إلى أوروبا.
يبقى التحدي الأكبر هو التوفيق بين هذه الأهداف الطموحة وبين الالتزامات القانونية والدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ومبدأ عدم الإعادة القسرية. ومع ذلك، فإن إطلاق قبرص لهذه الخطة تحت مظلة الاتحاد الأوروبي يُشير إلى استعداد نيقوسيا لاستخدام كل الأدوات المتاحة لها لفرض سيطرتها على هذا الملف الشائك قبل انتهاء المهلة المحددة بنهاية عام 2025.
هل ستنجح هذه الخطة في تحقيق الهدف القياسي وإعادة تعريف سياسة اللجوء في قبرص، أم أن التعقيدات القانونية واللوجستية ستعترض طريقها؟ الأيام القادمة ستحمل الإجابة.
تعليقات
إرسال تعليق