قبرص سجلت واحدة من أعلى نسب زيادة متوسط العمر بين دول الاتحاد الأوروبي خلال العقد 2014-2024.
هذا التطور المتسارع في الشيخوخة السكانية ترافق مع انخفاض نسبة الأطفال دون سن 15 عامًا، والتي بلغت 15.3% في نهاية عام 2023 مقارنة بـ22.3% عام 2000، بينما ارتفعت نسبة من تجاوزوا 65 عامًا إلى 17.7% مقابل 11.3% في عام 2000.
هذا الاتجاه السكاني يثير مخاوف بشأن التحديات الاجتماعية والاقتصادية الناشئة، والتي أشار إليها رئيس اللجنة الوطنية للأخلاقيات الحيوية في قبرص، كونستانتينوس فيلاس.
أكد أن عدم اتخاذ التدابير المناسبة الآن قد يعرض الدولة لمشكلات أعمق خلال السنوات القادمة،
مضيفًا أن مظاهر هذه الأزمات بدأت تتجلى بالفعل، مثل نقص هياكل رعاية مناسبة لكبار السن، سواء في المستشفيات أو عبر خدمات الرعاية الصحية المنزلية، ما يترك العديد من الأفراد دون دعم كافٍ.
أحد الأمثلة على هذه المشكلات هو صعوبة وصول كبار السن في المناطق الجبلية إلى المستشفيات بسبب غياب أنظمة نقل ملائمة. هذه الفجوة تسلط الضوء على تهميش هذه الفئة العمرية وحصرها في ظروف قاسية.
وفيما يتعلق بالسائقين المسنين، أثارت مناقشات سياسية واجتماعية عديدة بشأن كيفية التعامل مع هذه الفئة المهمة دون اللجوء إلى تدابير تمييزية أو غير إنسانية، مثل زيادة أقساط التأمين بشكل تعسفي أو منعهم تمامًا من القيادة.
أوضح السيد فيلاس أن سحب تراخيص القيادة بشكل جماعي أو رفع تكاليف التأمين بصورة مفرطة قد يؤدي إلى عزل هؤلاء الأشخاص، مما يزيد من شعورهم بالاكتئاب والوحدة، ويعزز المشكلات الصحية والاجتماعية لديهم.
وأشار إلى الدراسات التي أثبتت وجود علاقة بين التمييز المرتبط بالعمر وحالات القلب والأوعية الدموية، الزهايمر، المرض النفسي والاكتئاب.
بالإضافة إلى ذلك، شدد على خطر الإهمال وسوء معاملة كبار السن الذين يتم تركهم وحدهم أو مع مقدمي الرعاية غير المؤهلين.
تقول الإحصائيات العالمية إن واحدًا من كل ستة أشخاص فوق سن الستين يعاني من سوء المعاملة، ومع ذلك لا يتم الإبلاغ سوى عن نسبة صغيرة من هذه الحالات.
في قبرص، لا توجد منشآت مخصصة لاستقبال المسنين الذين يتعرضون لسوء معاملة، وهو أمر يدعو إلى القلق خاصة عند مقارنته بالبنية التحتية المتوفرة للأطفال والنساء.
إن التحديات المطروحة تحتاج إلى استجابات فردية تناسب كل حالة بعيدًا عن التدابير الشاملة التي لا تكون فعالة غالبًا.
بدلاً من اتخاذ قرارات عشوائية تمس فئة بأكملها، يجب تقييم القدرات الفردية للسائقين وكبار السن بشكل خاص.
البيانات تظهر أنه في معظم الحوادث المرورية لعام 2023، كان المسنون مشاركين كركاب أو مشاة وليس كسائقين رئيسيين، وهو ما يدعو إلى إعادة النظر في الصورة النمطية المرسومة لهذه الفئة.
ختامًا، يدعو السيد فيلاس الحكومة والمجتمع لاتخاذ إجراءات حاسمة وشاملة تدعم المسنين وتضمن لهم حياة كريمة ومتكاملة.
نحتاج إلى وسائل نقل عامة فعالة، برامج أنشطة محفزة، وبيئة تشجع العناية بهذه الفئة العمرية المتزايدة.
ليس هناك مجال لتأخير هذه الخطوات، فالجيل الجديد من كبار السن قادم، وسيكون لديه متطلبات لن نستطيع تلبيتها إذ لم نستعد بصورة مناسبة الآن.
الوقت لاتخاذ قرارات عقلانية ومستدامة هو اليوم، وليس عندما نجد أنفسنا في مواجهة مباشرة مع هذه الأزمات ونحن جزء منها بالفعل.
المصدر: Philenews
nooreddin
تعليقات
إرسال تعليق