في خطوة جديدة تعكس التحديات التي تواجهها الدول الأوروبية في مجال الهجرة، أعلنت المفوضية الأوروبية أن مواطني الدول المرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى سبع دول أخرى، سيخضعون لإجراءات سريعة عند تقديم طلبات اللجوء في المستقبل القريب.
هذا القرار يعني أنه سُيغلَق الباب أمام طالبي اللجوء من هذه الدول الـ15، مما سيثير العديد من التساؤلات حول حقوق المواطنين الذين يسعون للجوء في أوروبا.
تصنيف الدول الآمنة
وفقًا لمجلة لوبوان، صنفت المفوضية كلاً من المغرب، تونس، ومصر باعتبارها دولًا آمنة، إلى جانب كولومبيا، بنغلاديش، والهند، حيث يقل معدل قبول اللجوء من هذه الدول عن 20%. كما تم تضمين كوسوفو في هذه الفئة، مما يقلل من فرص مواطني هذه الدول في الحصول على وضعية لاجئ.
تترقب الدول الأوروبية التي تعاني من ضغوط متزايدة نتيجة الهجرة، اعتماد هذه الأداة الجديدة بفارغ الصبر. حيث أشار مسؤول في المفوضية الأوروبية إلى أن الهدف من هذه الأداة هو تعزيز الكفاءة في معالجة طلبات اللجوء التي قد تكون غير مستندة إلى أسس قانونية، والتي يقدمها مواطنو دول ثالثة عند وصولهم إلى أراضي الاتحاد الأوروبي.
تشمل القائمة الأوروبية فئتين رئيسيتين، الأولى تتعلق بالدول الآمنة تلقائياً، والتي تضم دولاً مرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي مثل ألبانيا والبوسنة والهرسك وجورجيا ومقدونيا الشمالية ومولدوفا والجبل الأسود وصربيا وتركيا، بالإضافة إلى كوسوفو التي تسعى للترشيح. ومن الجدير بالذكر أن أوكرانيا مستثناة من هذه القائمة بسبب ظروف الحرب، وكذلك أي دولة تخضع لعقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي. أما الفئة الثانية، فتتضمن الدول التي يقل معدل قبول طلبات اللجوء فيها عن 20% على مستوى الاتحاد، مثل كولومبيا وبنغلاديش والهند.
وقد أثار إدراج تونس، التي سعت إيطاليا لإضافتها إلى هذه القائمة، بعض التساؤلات حول الوضع الحقوقي فيها، حيث يتهم النظام التونسي بارتكاب انتهاكات ضد الصحفيين والمعارضين. وقد أكدت المفوضية الأوروبية أنها أخذت هذه القضايا بعين الاعتبار خلال تقييمها، مشيرة إلى أن “فئات محددة من الأشخاص” ستظل قادرة على الاستفادة من إجراءات فحص متعمقة لضمان حقوقهم.
تتم معالجة طلبات اللجوء المقدمة من الدول المعنية من خلال إجراء سريع يمتد لثلاثة أشهر، مع ضمان الحفاظ على الحقوق الإجرائية. يتم تقييم كل طلب بناءً على ظروفه الفردية، حيث تتولى جهات مختصة دراسة الطلبات وفقًا للقواعد المحددة في الاتفاقية. يحق لطالب اللجوء الاعتراض على القرار النهائي أمام المحكمة، كما يمكنه الطعن في تطبيق مفهوم “البلد الآمن” فيما يتعلق بظروفه الشخصية.
لا يمنع الاقتراح الدول الأعضاء، وفقًا لما ذكرته الصحيفة، من الاحتفاظ بقوائمها الوطنية الخاصة بالدول الآمنة، مما يؤدي إلى وجود نظام مزدوج السرعة. يوضح المسؤول أن وجود دولة معينة على قائمة الاتحاد الأوروبي يعني أنها تنطبق تلقائيًا على جميع الدول الأعضاء، ولكن يمكن لكل دولة عضو أن تضيف دولًا أخرى إلى قوائمها الوطنية بناءً على التشريعات الأوروبية.
هذا النظام يتيح للدول الأعضاء مرونة أكبر في التعامل مع طلبات اللجوء، مما يعكس التوازن بين الالتزامات الأوروبية والاعتبارات الوطنية. في الوقت نفسه، يضمن الحفاظ على حقوق الأفراد الذين يسعون للحصول على الحماية، مما يعكس التزام الاتحاد الأوروبي بمبادئ حقوق الإنسان.
تأتي هذه المرونة استجابةً لرغبات الدول الأعضاء التي تسعى للحفاظ على حرية التصرف في سياساتها المتعلقة باللجوء، مع الاستفادة من الحد الأدنى من التنسيق على المستوى الأوروبي.
وأوضح مسؤول رفيع المستوى أن “الدول السبع التي اقترحناها تم اعتبارها أولوية من قبل المفوضية في سياق الهجرة غير النظامية، لكن من الممكن أن تتغير صورة الهجرة مع مرور الوقت”.
كما يمكن للمفوضية أن تعلق عضوية أي دولة بموجب قانون مفوض في حال حدوث تدهور كبير في الوضع، أو من خلال اقتراح رسمي لإزالتها عبر نص تشريعي يتطلب موافقة البرلمان الأوروبي والمجلس.
الاستثناء الجزائري
من جهة أخرى، تم تصنيف الجزائر كدولة غير آمنة، حيث لم تشر المفوضية إلى أسباب سياسية وراء هذا الاستبعاد. حسب تصريحات أحد المسؤولين، فإن المعايير المتبعة تتضمن عدم تجاوز معدل قبول اللجوء نسبة 20%، وهو ما يختلف في الجزائر.
الإجراءات السريعة
يشكل هذا الاقتراح جزءًا من ميثاق الهجرة واللجوء الأوروبي الذي تم اعتماده في مايو/أيار 2024. سيضمن هذا الميثاق تطبيق إجراءات اللجوء السريعة على الحدود لمواطني البلدان المذكورة، مما يعني إمكانية فحص الطلبات في غضون ثلاثة أشهر بدلاً من ستة.
توقعات وتحديات
في الوقت ذاته، تنتظر الدول الأوروبية، التي تواجه ضغوطًا متزايدة بسبب الهجرة، تطبيق هذه الأداة بفارغ الصبر. وقد أشار أحد المسؤولين في المفوضية الأوروبية إلى أن الهدف الرئيسي هو “زيادة الكفاءة في التعامل مع طلبات اللجوء التي قد لا تكون مبنية على أساس”، مما يعني أن هناك ضغوطًا متزايدة لمعالجة هذه القضايا بشكل أكثر فاعلية.
هذه التطورات تستدعي متابعتنا المستمرة لما تحمله من تأثيرات على حقوق الإنسان وكرامة طالبي اللجوء في أوروبا، خاصة في ظل الأوضاع الإنسانية المتقلبة في بعض هذه الدول.
تعليقات
إرسال تعليق