خطاب تاريخي للرئيس أحمد الشرع: يحدد فيه المستقبل للبلد .. سوريا بحاجة إلى ثلاث خطط إسعافية ومتوسطة واستراتيجية

خطاب تاريخي للرئيس أحمد الشرع:  يحدد فيه  المستقبل  للبلد .. سوريا بحاجة إلى ثلاث خطط إسعافية ومتوسطة واستراتيجية
خطاب تاريخي للرئيس أحمد الشرع: يحدد فيه المستقبل للبلد .. سوريا بحاجة إلى ثلاث خطط إسعافية ومتوسطة واستراتيجية


 دعا الرئيس السوري أحمد الشرع، خلال كلمته في مؤتمر الحوار الوطني السوري، إلى الوحدة الوطنية والتكاتف لإعادة بناء الدولة بعد سنوات من المعاناة والتحديات، مشدداً على أن سوريا عادت لأهلها، وأن مستقبلها مرهون بقدرة شعبها على النهوض بها.

مرحلة جديدة في تاريخ سوريا

أكد الشرع أن سوريا مرت عبر قرن من الزمن بتحديات وتحولات كبرى، بدءاً من الاستعمار إلى حكم الأسدين، لافتاً إلى أن الضباع نهشت البلاد وأوغلت في دمائها، حتى أتت الثورة السورية المباركة وحققت النصر المبين، مشيراً إلى أن سوريا اليوم تقف بين أيدي أبنائها جريحة ولكنها متفائلة، تنتظر منهم الوحدة والعمل الجاد لمداواة جراحها.

وشدد الرئيس السوري على أن سوريا دعت أبناءها للاتفاق والتشاور حول مستقبل البلاد، وليس للاختلاف والانقسام، مشيراً إلى أن المرحلة الحالية تمثل عنواناً لتحول تاريخي جديد يسطره السوريون بأنفسهم.

إعادة بناء الدولة على أسس قوية

أكد الشرع أن إعادة بناء الدولة تحتاج إلى خطط إسعافية، متوسطة، واستراتيجية، مشدداً على ضرورة تحويل النكبات إلى فرص استثمارية حقيقية، كما لفت إلى أن سوريا لا تقبل القسمة، وقوتها تكمن في وحدتها واستقرارها.

وأكد الرئيس السوري أن سوريا بحاجة إلى قرارات جريئة تعالج مشكلاتها الحقيقية، حتى لو كانت مؤلمة وصادمة، مشدداً على ضرورة تسريع عودتها إلى محيطها الإقليمي والدولي عبر خطوات مدروسة، كما أشار إلى أن السلم الأهلي مسؤولية جميع أبناء الوطن، وأن أي دعوات مشبوهة لخلق انقسامات طائفية لن تمر على وعي السوريين.

ولفت الشرع إلى أن الانتصار الذي تحقق للشعب السوري أزعج كثيرين، وهناك محاولات لإفشال منجزاته، مشدداً على ضرورة مواجهة أي تهديدات للوحدة الوطنية بصلابة وحزم، كما شدد على أن كل بلد يحتاج إلى نظام حكم يتناسب مع تاريخه وثقافته، ولا يمكن استيراد أنظمة لا تناسب الواقع السوري.

وكشف الرئيس السوري أن حكومته عملت خلال الأشهر الماضية على ملاحقة مرتكبي الجرائم بحق السوريين، وستعمل على تشكيل هيئة للعدالة الانتقالية تضمن إعادة الحقوق لأصحابها وإنصاف المظلومين وتقديم المجرمين للعدالة.

 

الكلمة الكاملة للرئيس السوري أحمد الشرع:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد، فقد مرَّ التاريخ السوري عبر قرن من الزمن بتحديات وتحولات عديدة، من مرحلة الاستعمار إلى التيه السياسي، مروراً بالوحدة ثم حزب البعث إلى حكم الأسدين. وقد تحملت سوريا خلال هذه الحقبة أوجاعاً وآلاماً شتى، اجتماعية واقتصادية وسياسية ونفسية ومعنوية وغيرها. فقد نهشتها الضباع وأوغلت في دمائها، ثم أتت الثورة السورية المباركة، ثم النصر المبين والفتح العظيم، فأنقذت سوريا من الهلاك. أنقذت، لكنها مثقلة بالجراح، وهي اليوم في غرفة الإنعاش، تقف بين أيديكم فرحة لكنها جريحة متألمة، تناديكم لتقفوا جميعاً متحدين، متعاونين لمداواتها وتضميد جراحها ومواساتها. وكلها ثقة بكم أنكم لن تخذلوها بعد اليوم، ولن تغفلوا عنها، وستسهرون لحمايتها وبنائها وازدهارها.

أيها السادة الكرام، إن سوريا اليوم دعتكم جميعاً لا لتختلفوا، بل لتتفقوا، دعتكم للتشاور في مستقبل بلدكم وأمتكم والأجيال اللاحقة بكم. إن الأحداث الجارية عنوان لمرحلة تاريخية جديدة تسطرونها بأناملكم، وتبنونها بأيديكم، وتعلّمونها لأبنائكم. إن سوريا اليوم عادت لأهلها بعد أن سُرقت على حين غفلة من أبنائها، فاحفظوا أمانتكم، واحرسوا وديعتكم، وأدوا الذي عليكم.
 

أيها السادة الكرام، إن أعظم علاج لبلدكم اليوم هو الإحساس بها وبأوجاعها، والشعور بآلامها. فلكِ الله يا شام، لكِ الله يا شام.

أعزائي الكرام، نحن أمة خُلقنا أحراراً، تعلمنا في ديننا الشجاعة والصبر والكرم والأخلاق الحميدة، واستعملناها في كل نزال. فلسنا نجيد البكاء على الأطلال، ولسنا نجيد اللطم والعويل، بل نحن أمة العمل والجد. وإذا قلنا فعلنا، وإذا اؤتمنا أدينا، وإذا وعدنا وفينا. بعون الله، نقتلع الشوك بأيدينا، نجابه الصعاب، نقتحم العواصف، نواجه ولا نلين ولا نستكين، فنحن أهل الشام، نحن أهل الشام، أهل هذه الأرض.

السادة الكرام، إنه يليق بنا اليوم، ونحن أمام هذه المسؤولية العظيمة، أن نراعي الآتي:

  •  أننا في مرحلة إعادة بناء الدولة من جديد، مع كل ما لحق بها من خراب ودمار، وأن هذه المرحلة ذات خصائص حرجة ولها ميزات تختلف عن دولة ذات نظام مستمر يعقبه الأشخاص ويبقى النظام.
  •  إن وحدة السلاح واحتكاره بيد الدولة ليس رفاهية، بل هو واجب وفرض.
  •  إن سوريا لا تقبل القسمة، فهي كلٌّ متكامل، وقوتها في وحدتها.
  • إن سوريا تعاني من تدمير ممنهج لاقتصادها وخدماتها الأساسية، وأن أُطر نهضتها تكمن بداخلها، وهي بحاجة لخطة إسعافية، ثم أخرى متوسطة، ثم أخرى استراتيجية.
  • علينا أن نحول نكباتها إلى فرص استثمارية حية.
  • علينا أن نبني دولتنا على القانون، وأن يُحترم القانون من قبل واضعيه حتى يحترمه الناس.
  • علينا التحلي بالصبر، وألا نحمل سوريا أكثر مما تطيق.
  •  إن سوريا بحاجة إلى قرارات جريئة تعالج مشكلاتها علاجاً حقيقياً، ولو كانت مؤلمة وصادمة.
  •  إن سوريا تراجعت عن محيطها الإقليمي والدولي، وعليها أن تسارع للحاق، فينبغي اتخاذ الخطوات المناسبة لذلك.
  •  إن السلم الأهلي واجب على أبناء الوطن جميعاً، وإن الدعوات المشبوهة التي تستدعي حالة الخطر لطوائف معينة وتقدم نفسها كحامية منقذة، دعوات فارغة لا تنطلي على الوعي السوري.
  •  إن سوريا مدرسة في العيش المشترك، يتعلم منها العالم أجمع، ولم يزل النظام يخوّف الناس من الفناء حتى ظهر كذبه في الأيام الماضية.

أيها السادة الكرام، إن النصر الذي تحقق وفرحة السوريين قد ساءت أقواماً هنا وهناك، وهم يسعون لتقويض منجزات الشعب، فعلينا أن نكون حذرين ونواجه بصلابة وقوة وحزم كل من يريد العبث بأمننا ووحدتنا.

إن نظام الحكم في أي بلد يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمرحلة التاريخية السابقة لإقراره، وبالثقافة العميقة والأصيلة لأهله، فلا ينبغي استيراد أنظمة لا تتلاءم مع واقع البلد. كما يجب الابتعاد عن تحويل المجتمعات إلى حقول تجارب لتنفيذ أحلام سياسية لا تناسبها.

لقد عملنا خلال الشهرين الماضيين على ملاحقة مرتكبي الجرائم بحق السوريين، وسنعمل على تشكيل هيئة للعدالة الانتقالية، ترد الحقوق لأصحابها، وتنصف المظلومين، وتقدم المجرمين للعدالة بإذن الله.

أيها السادة الكرام، لقد سعينا خلال معركة التحرير وبعدها لحقن الدماء، وعدم هدم الحواضر، واستعملنا في ذلك وسائل متعددة، وكل ذلك حتى يتسنى للسوريين أن يجلسوا مع بعضهم البعض، ويعيدوا بناء بلدهم. ولعل بعض هذه الوسائل لم ترُق للبعض، ولكن كما قبلتم منا هذا النصر، فأرجو متكرمين أن تقبلوا منا طرائقه.

كما أن سوريا حررت نفسها بنفسها، فإنه يليق بها أن تبني نفسها بنفسها، فنحن قوم كرام، لا نعرف معنى للاستجداء والذل والهوان.

إن الشعوب الحية هي الشعوب التي تحمل رصيداً وافراً من القيم الأخلاقية، فما إن تمسكت بها نجت، وما إن تخلت عنها فشلت. وعليه، ينبغي أن نولي اهتماماً خاصاً بإصلاح ما هدمه النظام الساقط في البنية الأخلاقية والقيمية في مجتمعنا.

إن ما نعيشه اليوم فرصة استثنائية تاريخية نادرة، وعلينا استغلال كل لحظة فيها لما يخدم مصالح شعبنا وأمتنا، ويليق بتضحيات أبنائها.

لا يسعني في الختام إلا أن أتوجه بالشكر الجزيل للجنة التحضيرية، والسادة الحضور، ولكل من أسهم وشارك، ولكل الشعب السوري ومن وقف معه. أعانكم الله وأكرمكم، وكتب الخير على أيديكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 

الكلمة الكاملة للرئيس السوري أحمد الشرع:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد، فقد مرَّ التاريخ السوري عبر قرن من الزمن بتحديات وتحولات عديدة، من مرحلة الاستعمار إلى التيه السياسي، مروراً بالوحدة ثم حزب البعث إلى حكم الأسدين. وقد تحملت سوريا خلال هذه الحقبة أوجاعاً وآلاماً شتى، اجتماعية واقتصادية وسياسية ونفسية ومعنوية وغيرها. فقد نهشتها الضباع وأوغلت في دمائها، ثم أتت الثورة السورية المباركة، ثم النصر المبين والفتح العظيم، فأنقذت سوريا من الهلاك. أنقذت، لكنها مثقلة بالجراح، وهي اليوم في غرفة الإنعاش، تقف بين أيديكم فرحة لكنها جريحة متألمة، تناديكم لتقفوا جميعاً متحدين، متعاونين لمداواتها وتضميد جراحها ومواساتها. وكلها ثقة بكم أنكم لن تخذلوها بعد اليوم، ولن تغفلوا عنها، وستسهرون لحمايتها وبنائها وازدهارها.

أيها السادة الكرام، إن سوريا اليوم دعتكم جميعاً لا لتختلفوا، بل لتتفقوا، دعتكم للتشاور في مستقبل بلدكم وأمتكم والأجيال اللاحقة بكم. إن الأحداث الجارية عنوان لمرحلة تاريخية جديدة تسطرونها بأناملكم، وتبنونها بأيديكم، وتعلّمونها لأبنائكم. إن سوريا اليوم عادت لأهلها بعد أن سُرقت على حين غفلة من أبنائها، فاحفظوا أمانتكم، واحرسوا وديعتكم، وأدوا الذي عليكم.


أيها السادة الكرام، إن أعظم علاج لبلدكم اليوم هو الإحساس بها وبأوجاعها، والشعور بآلامها. فلكِ الله يا شام، لكِ الله يا شام.

أعزائي الكرام، نحن أمة خُلقنا أحراراً، تعلمنا في ديننا الشجاعة والصبر والكرم والأخلاق الحميدة، واستعملناها في كل نزال. فلسنا نجيد البكاء على الأطلال، ولسنا نجيد اللطم والعويل، بل نحن أمة العمل والجد. وإذا قلنا فعلنا، وإذا اؤتمنا أدينا، وإذا وعدنا وفينا. بعون الله، نقتلع الشوك بأيدينا، نجابه الصعاب، نقتحم العواصف، نواجه ولا نلين ولا نستكين، فنحن أهل الشام، نحن أهل الشام، أهل هذه الأرض.

السادة الكرام، إنه يليق بنا اليوم، ونحن أمام هذه المسؤولية العظيمة، أن نراعي الآتي:

  •  أننا في مرحلة إعادة بناء الدولة من جديد، مع كل ما لحق بها من خراب ودمار، وأن هذه المرحلة ذات خصائص حرجة ولها ميزات تختلف عن دولة ذات نظام مستمر يعقبه الأشخاص ويبقى النظام.
  •  إن وحدة السلاح واحتكاره بيد الدولة ليس رفاهية، بل هو واجب وفرض.
  •  إن سوريا لا تقبل القسمة، فهي كلٌّ متكامل، وقوتها في وحدتها.
  • إن سوريا تعاني من تدمير ممنهج لاقتصادها وخدماتها الأساسية، وأن أُطر نهضتها تكمن بداخلها، وهي بحاجة لخطة إسعافية، ثم أخرى متوسطة، ثم أخرى استراتيجية.
  • علينا أن نحول نكباتها إلى فرص استثمارية حية.
  • علينا أن نبني دولتنا على القانون، وأن يُحترم القانون من قبل واضعيه حتى يحترمه الناس.
  • علينا التحلي بالصبر، وألا نحمل سوريا أكثر مما تطيق.
  •  إن سوريا بحاجة إلى قرارات جريئة تعالج مشكلاتها علاجاً حقيقياً، ولو كانت مؤلمة وصادمة.
  •  إن سوريا تراجعت عن محيطها الإقليمي والدولي، وعليها أن تسارع للحاق، فينبغي اتخاذ الخطوات المناسبة لذلك.
  •  إن السلم الأهلي واجب على أبناء الوطن جميعاً، وإن الدعوات المشبوهة التي تستدعي حالة الخطر لطوائف معينة وتقدم نفسها كحامية منقذة، دعوات فارغة لا تنطلي على الوعي السوري.
  •  إن سوريا مدرسة في العيش المشترك، يتعلم منها العالم أجمع، ولم يزل النظام يخوّف الناس من الفناء حتى ظهر كذبه في الأيام الماضية.

أيها السادة الكرام، إن النصر الذي تحقق وفرحة السوريين قد ساءت أقواماً هنا وهناك، وهم يسعون لتقويض منجزات الشعب، فعلينا أن نكون حذرين ونواجه بصلابة وقوة وحزم كل من يريد العبث بأمننا ووحدتنا.

إن نظام الحكم في أي بلد يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمرحلة التاريخية السابقة لإقراره، وبالثقافة العميقة والأصيلة لأهله، فلا ينبغي استيراد أنظمة لا تتلاءم مع واقع البلد. كما يجب الابتعاد عن تحويل المجتمعات إلى حقول تجارب لتنفيذ أحلام سياسية لا تناسبها.


تعليقات