بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، توقفت القنصليات السورية في الخارج عن منح جوازات السفر، مما سبّب إرباكاً لكثير من اللاجئين السوريين. وبعد شهرين من ذلك، استأنفت العديد من القنصليات والسفارات منح الجوازات، بينما لا يزال سوريون في بعض الدول يفتشون عن حلول لاستخراجها.
توقُّف منح جوازات السفر وضع كثيراً من السوريين في مأزق، لا سيما أولئك الذين قرروا السفر إلى بلدهم بقصد الزيارة أو الإقامة الدائمة. كما أن عدم القدرة على استخراج الجوازات حال دون تمكن أصحاب الإقامات من تجديدها، مما وضعهم في ورطة حقيقية.
"وثيقة عبور".. هل تكفي للسفر
بعد أقل من شهر على سقوط الأسد، أعلنت بعض القنصليات السورية عن منح وثيقة عبور كحل إسعافي للسوريين الذين لا يملكون جوازات سفر ويرغبون في العودة إلى سوريا.
وقال عبد الرحمن الخالدي، وهو موظف في القنصلية السورية بإسطنبول، لموقع "تلفزيون سوريا"، إن القنصلية تمنح وثيقة عبور بشكل مجاني للسوريين، لمساعدتهم على السفر إلى بلدهم في حال لم يكن لديهم جواز سفر أو كان منتهي الصلاحية.
وأشار الخالدي إلى أن استخراج وثيقة عبور يتطلب وجود أي إثبات على أن الشخص سوري، مثل الهوية الشخصية أو إخراج القيد أو دفتر العائلة.
كما قدمت بعض القنصليات السورية خدمة تمديد جواز السفر لمدة ستة أو تسعة أشهر بشكل مجاني، حيث يضع الموظف ختماً على الجواز المنتهي الصلاحية بتاريخ تمديد جديد، ليكون ذلك حلاً مؤقتاً ريثما تُستأنف عملية تجديد الجوازات.
معتز صيبعة، وهو سوري مقيم في السعودية، قام بتمديد جواز سفره لستة أشهر من القنصلية السورية هناك، وسافر من خلاله إلى سوريا دون أي مشكلات.
لكن صيبعة وقع في مأزق عندما سافر لزيارة أخيه في سلطنة عمان قبل عودته إلى الرياض، حيث قال لموقع "تلفزيون سوريا"، إن موظفي المطار لم يسمحوا له بالدخول، ولم يعترفوا بختم التمديد على جواز سفره، بل أصرّوا على وجود جواز سفر موثق بتاريخ جديد بشكل إلكتروني. واضطر صيبعة للعودة إلى السعودية دون أن يتمكن من زيارة أخيه الذي لم يره منذ 14 عاماً.
وعلم موقع "تلفزيون سوريا" من عدة أشخاص سافروا بجوازات سفر تحمل ختم تمديد يدوي، أن العديد من المطارات العربية لا تعترف بهذه الجوازات، ومنها مطارات دبي، والشارقة، وأبو ظبي، وعدن، وصنعاء، والقاهرة، ومسقط، والمنامة.
من السماسرة إلى المنصة الإلكترونية
عانى السوريون في الخارج خلال حكم نظام الأسد من صعوبة استخراج جوازات السفر، نتيجة تعقيدات حجز المواعيد وارتفاع تكاليفها، إضافة إلى التأخير في إصدارها.
وكان السوريون في تركيا، على سبيل المثال، يضطرون للتواصل مع سماسرة للحصول على موعد مقابل مبالغ مالية باهظة. لاحقاً، أتاحت القنصلية السورية في إسطنبول، خلال عهد الأسد، حجز موعد عبر إرسال طلب عبر "واتساب".
وقال أسامة شيخ تلت، وهو لاجئ سوري في إسطنبول، لموقع "تلفزيون سوريا"، إن نظام الأسد كان يتعمّد منح مواعيد متأخرة لتجديد جوازات السفر، لإجبار اللاجئين على استخراج جواز مستعجل مقابل 800 دولار، مما كان يسهم في رفد خزينة النظام بالقطع الأجنبي. وأوضح أن رسالة الموعد كانت تصل بعد 9 أشهر إلى سنة أو أكثر.
لكن عقب سقوط الأسد، بدأت الحكومة السورية الجديدة تقديم تسهيلات لمواطنيها في الداخل والخارج، وأوعزت إلى قنصلياتها لتسهيل عملية منح الجوازات بعيداً عن جشع السماسرة.
وأعلنت وزارة الخارجية السورية استئناف إصدار جوازات السفر للمواطنين المغتربين عبر السفارات والمكاتب القنصلية، من خلال حجز موعد عبر منصة إلكترونية.
وأوضحت الوزارة، في بيان لها، أن عملية إصدار الجوازات ستتم وفق نظام الدور المعمول به لدى كل بعثة دبلوماسية.
عبر منصة الحجز الإلكتروني في تركيا
في 10 شباط الحالي، استأنفت القنصلية السورية في إسطنبول استقبال طلبات استخراج وتجديد جوازات السفر، بعد توقف دام أكثر من شهرين.
وقال عبد الرحمن الخالدي، الموظف في القنصلية السورية بإسطنبول، لموقع "تلفزيون سوريا"، إن التقدّم للحصول على جواز سفر متاح حصراً عبر منصة الحجز الإلكترونية، مشيراً إلى أنه يمكن للشخص الواحد حجز مواعيد لستة أشخاص من عائلته كحد أقصى، ولمرة واحدة كل شهر.
ويجب على المواطنين الراغبين في الحصول على جواز سفر جديد أو تجديد جوازاتهم، الدخول إلى المنصة الإلكترونية، وإنشاء حساب شخصي، ثم الدخول إلى قسم "معاملاتي" في الصفحة الرئيسة، واختيار خدمة "حجز دور في السفارة"، ثم استكمال البيانات المطلوبة.
وشدد الخالدي على ضرورة التأكد من إتمام حجز الموعد قبل القدوم إلى القنصلية، مع إحضار 100 دولار من الطبعة الجديدة، حيث لا تقبل القنصلية الطبعة القديمة من فئة 50 أو 100 دولار.
ويحتاج الشخص للحصول على جواز السفر إلى ورقة الموعد، والهوية السورية، وصورتين شخصيتين، ومبلغ 300 دولار للجواز العادي، و800 دولار للجواز المستعجل.
أما الأشخاص الذين فقدوا هويتهم الشخصية السورية أو الأطفال، فأوضح الخالدي أنه يمكنهم استخراج إخراج قيد من سوريا مصدق من الخارجية السورية، كبديل عن الهوية.
وأشار الخالدي إلى أن القنصلية تصدّق جواز السفر مجاناً، بعدما كانت تتقاضى 50 دولاراً رسوماً للتصديق في عهد النظام السابق، كما أصبحت صلاحية الجواز ست سنوات لكل السوريين.
لا جوازات في ألمانيا
رغم استئناف العديد من القنصليات إصدار جوازات السفر، إلا أن السوريين في ألمانيا اشتكوا لموقع "تلفزيون سوريا" من عدم منح السفارة السورية في برلين جوازات سفر جديدة أو عدم تجديدها حتى الآن.
وقال لؤي مسطو، وهو لاجئ سوري في مدينة دورتموند الألمانية، إن إقامته قد انتهت ولم يتمكن من تجديدها بسبب انتهاء صلاحية جوازه وعدم إمكانية تجديده في السفارة السورية في برلين، التي تقوم فقط بتمديد الجوازات عبر الختم اليدوي، مشيراً إلى أن الجوازات الممددة يدوياً غير صالحة لتجديد الإقامات.
لذلك، لجأ بعض السوريين في ألمانيا إلى حجز موعد لدى السفارة السورية في بروكسل، التي تتيح تجديد الجوازات أو منح جوازات جديدة للسوريين في ألمانيا، وفقاً لما ذكرته هبة معراوي، وهي لاجئة سورية في فرانكفورت.
وأضافت هبة أنها تمكنت من استخراج جواز سفر مستعجل من السفارة السورية في بروكسل بعد تدهور صحة والدتها، مشيرة إلى ضرورة التأكد من حجز الموعد الإلكتروني قبل السفر إلى بلجيكا، لأن بعض الأشخاص عادوا خالي الوفاض بعدما اكتشفوا أن موعدهم غير مفعل.
جوازات المغتربين من داخل سوريا
بعض السوريين في الخارج، الذين لم تستأنف السفارات والقنصليات السورية في دولهم إصدار جوازات السفر، لجؤوا إلى التقديم عليها من داخل سوريا.
وقالت إدارة الهجرة والجوازات، في 2 شباط الحالي، إنه يحق للقاطنين خارج القطر التسجيل على الجواز ضمن المحافظات السورية عن طريق ذويهم أو الوكيل القانوني.
وأوضح أمجد الخطيب، وهو لاجئ سوري في السويد، أنه لجأ إلى هذه الطريقة لاستخراج جواز سفره بمساعدة والده في دمشق، حيث استغرق الأمر شهراً قبل أن يتمكن من تسلم الجواز عبر خدمة DHL.
تعليقات
إرسال تعليق