تحليل الدبلوماسي المصري: فيضانات السودان "فعل صناعي" سببه سد النهضة.. وحق التعويض القانوني قد يُفتح
وائل نصر: سوء إدارة إثيوبيا لبوابات السد هو المسؤول المباشر عن الكارثة.. والشراكة في الإدارة هي الحل الوحيد المتبقي لإنقاذ مصير النيل
أثار الدبلوماسي المصري البارز ومساعد وزير الخارجية الأسبق، وائل نصر، جدلاً واسعاً بتحليله للفيضانات الكارثية الأخيرة التي ضربت السودان، حيث أكد أن هذه الفيضانات لم تكن مجرد ظاهرة طبيعية، بل كانت نتيجة مباشرة لسوء إدارة إثيوبيا لسد النهضة. هذا التقييم، الذي أدلى به لوكالة "سبوتنيك" يوم الأربعاء، يفتح الباب أمام مطالبات قانونية محتملة ضد أديس أبابا.
الفيضانات: "فعل صناعي" يبرر التعويضات
أشار نصر إلى أن إثيوبيا تعاملت مع بوابات سد النهضة "بشكل غير محسوب"، مما أدى إلى تدفق كميات ضخمة من المياه فاقت قدرة النيل على الاستيعاب. وأكد أن الفيضانات التي أضرت بالقرى الجنوبية في السودان، وصولاً إلى العاصمة الخرطوم، هي نتيجة "سوء تقدير الفيضانات" من الجانب الإثيوبي.
يُعد وصف نصر لهذه الكارثة بأنها "فعل صناعي يمكن أن يبرر المطالبة بتعويضات قانونية" تطوراً نوعياً في الخطاب الدبلوماسي المصري تجاه الأزمة. هذا التصريح يعني أن الأضرار التي لحقت بالسودان (والتي شملت تدفق قرابة 800 مليون متر مكعب لعدة أيام متتالية) يمكن أن تُعتبر نتيجة لقرار إنساني خاطئ ومتهور في إدارة منشأة مائية ضخمة، بدلاً من اعتبارها قضاءً وقدراً مناخياً.
الحل في الشراكة: الدبلوماسية لا تتجاوز 20%
شدد الدبلوماسي المصري السابق على أن الأزمة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بـ "نظام إثيوبيا الحالي"، معتبراً أن الخيارات الدبلوماسية أمام مصر والسودان باتت محدودة للغاية ولا تتجاوز 20% من احتمالية الحل.
وحدد نصر أن الحل الأساسي والوحيد الممكن هو "الشراكة في إدارة السد". هذا المطلب يضمن مشاركة دولتي المصب في اتخاذ قرارات التشغيل والملء والتصريف، مما يحمي مصالحهما المائية والوجودية، خاصة في مواسم الجفاف أو الفيضانات.
مخاوف "القنبلة النووية المائية" وحماية السد العالي
وفي تقييمه للمخاطر، أشار نصر إلى أن الانهيار المحتمل لسد النهضة الإثيوبي سيُحدث "أضراراً كبيرة" للسودان، في تكرار لما وصفه خبير مصري آخر سابقاً بـ"قنبلة نووية مائية" تهدد أمن المنطقة. إلا أنه طمأن بأن مصر محمية بفضل السد العالي على حدودها الجنوبية، والذي يعمل كدرع دفاعي ضد أي تدفقات مائية مفاجئة أو كارثية.
التهديد الوجودي وخيار مصر الحاسم
أكد نصر أن مصر لن تستسلم إذا حاولت إثيوبيا التحكم بمياه النيل في موسم الجفاف، مشدداً على أن "بقاءها مرهون بنهر النيل". هذا الموقف يعكس القناعة المصرية بأن القضية هي مسألة وجود وطني، وأن القاهرة "لن تقايض على الشعب والبلد" في هذا الشأن.
وعلى الصعيد التفاوضي والقانوني، أشار نصر إلى أن مخزون بحيرة ناصر الاستراتيجي يمنح مصر مهلة سنة للتفاوض في حالة الجفاف، لكنه حذر من أن التفاوض يجب أن يكون حاسماً. أما بخصوص الخيارات القانونية، فقد أوضح أن إعلان المبادئ لعام 2015 الموقع بين الدول الثلاث يمنع حالياً اللجوء إلى محاكم دولية. واعتبر أن الانسحاب من هذا الإعلان قد يشكل ورقة ضغط و"تهديداً لإثيوبيا" لفتح باب الدفاعات القانونية الدولية.
وتأتي تصريحات نصر لتتفق مع لهجة وزارة الري المصري الأخيرة التي وصفت تصرفات إثيوبيا بـ "الأحادية" و"المتهورة" في إدارة "السد غير الشرعي المخالف للقانون الدولي"، واعتبرت أن هذه الممارسات "تمثل تهديداً مباشراً لحياة وأمن شعوب دول المصب". ومع تأكيد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، وصول المفاوضات إلى طريق مسدود، تظل التحذيرات من أن مصر تحتفظ بحقها الكامل في الدفاع عن مصالحها الوجودية "بكل السبل والأدوات" قائمة ومؤكدة.

تعليقات
إرسال تعليق