تتصاعد المخاوف بشكل جدي حول سلامة الدراجات البخارية الكهربائية، ويأتي هذا القلق في خضم تقارير مقلقة عن حرائق البطاريات، ووقوع حوادث متكررة، وغياب التغطية التأمينية المنظمة. Ads by Eonads
لقد كشفت الحوادث التي وقعت مؤخراً عن وجود فجوات تنظيمية واضحة، الأمر الذي دفع بالسياسيين، ومسؤولي السلامة، والجهات الفاعلة في هذا القطاع إلى المطالبة بإصلاح عاجل وشامل للوضع بدلاً من التفكير في فرض حظر قاطع.
ففي لارنكا ومناطق أخرى، أصيب راكبو هذه الدراجات في حوادث تصادم مع مركبات ومشاة، كما وردت تقارير عن اشتعال بطاريات الدراجات النارية. ورغم أن الأرقام الرسمية لا تزال غير واضحة، إلا أن التساؤلات تتعاظم حول جوانب السلامة، وتحديد المسؤولية، والمحاسبة القانونية.
بينما تُصرّ وزارة النقل على موقفها بعدم فرض حظر، إلا أن الأصوات المعارضة تزداد قوة وتؤكد على ضرورة التنظيم. والسؤال المطروح الآن هو: هل ستسارع قبرص إلى محاكاة النموذج الأوروبي في فرض التراخيص والإجراءات الصارمة؟
وفي هذا السياق، صرّح النائب البرلماني عن دائرة ديبا، مارينوس موشيوتاس، لصحيفة "سايبروس ميل" بأن مجرد حظر الدراجات البخارية لن يحل المشكلة الأعمق والأكثر تعقيداً.
وأكد موشيوتاس: "نحن في أمس الحاجة إلى تفعيل التشريعات القائمة، وتقديم التأمين الإلزامي، وضمان أن يتم تشغيل هذه الدراجات البخارية فقط في الأماكن الآمنة والمخصصة لها".
وأشار النائب إلى وجود ثغرة كبيرة في حماية الضحايا قائلاً: "لا يوجد حالياً أي حل مؤقت للحوادث والأضرار التي تحدث، وذلك لعدم وجود تغطية تأمينية. نسعى جاهدين لدراسة إمكانية إدراج التأمين، بحيث يكون التعويض ممكناً حتى في حالة عدم تضرر مركبة أخرى، سواء كانت دراجة نارية أو سيارة".
وأكد موشيوتاس أن مشروع قانون قد تم اقتراحه بالفعل، لكنه لم يجد طريقه إلى التنفيذ الفعلي.
مضيفاً: "منذ عامين أو ثلاثة، تم إقرار مشروع قانون يتعلق بالإجراءات والقواعد اللازمة لاستخدام السكوتر. ولكن هذه الإجراءات لا تُطبق على أرض الواقع. وتلقت الشرطة حوالي ألفي شكوى، لكنها لا تستطيع السيطرة الكاملة على حركة المرور في قبرص".
وختم موشيوتاس حديثه بالقول: "نتفق جميعاً على ضرورة فرض تأمين إلزامي على مستخدمي السكوتر. هدفنا ليس إلغاء هذه الوسيلة، بل تطبيق التشريعات القائمة، لكي لا يُسمح لهم بالقيادة إلا في المناطق المسموح بها وبطريقة آمنة".
من جانبه، أشار رئيس حزب الخضر والنائب ستافروس بابادوريس إلى ضرورة أن تستلهم قبرص النماذج الناجحة من الخارج.
وصرح لصحيفة "سايبرس ميل": "في ألمانيا، يتم تسجيل كل سكوتر كهربائي عبر منصة خاصة، ويحصل على لوحات أرقام، ويتمتع بتأمين مسؤولية إلزامي. والنظام يعمل بكفاءة عالية هناك لأنه يدعم شبكة متكاملة من وسائل التنقل الصغيرة".
وشدد بابادوريس على الأهمية القصوى لسلامة المشاة، قائلاً: "يُمنع استخدام الدراجات البخارية الكهربائية على الأرصفة. مساحات حركتها محددة بوضوح، ومع ذلك نشهد مخالفات يومية. إنها صامتة ولا يُلاحظها المشاة بسهولة".
وأكد أن الدراجات البخارية الخاصة غير المنظمة هي التي تشكل الخطر الأكبر على السلامة: "تكمن المشكلة في الدراجات البخارية الخاصة، التي تُستورد دون فحص أو اعتماد. يجب التعاون الوثيق مع الجمارك لضمان عدم السماح بدخول البلاد سوى للمركبات المعتمدة والمتوافقة مع المعايير الأوروبية".
ويعتقد بابادوريس أن إجراءات التسجيل والتأمين يمكن تطبيقها "على الفور"، بحجة أن ذلك سيقلل من الفوضى وعدم اكتراث المستخدمين.
واستطرد بابادوريس: "يُعدّ التنقل المُصغّر تطوراً إيجابياً، ولكن يجب أن يتم إدارته في ظلّ شروط تضمن السلامة لكلٍّ من المستخدمين والمشاة. وإذا لم يتحقق ذلك، فإنّ البلاد ليست جاهزة بعد لاعتماد هذا النوع من النقل".
إن مشكلة السلامة لا تقتصر فقط على الحوادث التي قد تسببها أو تتعرض لها الدراجات البخارية الكهربائية، بل تمتد لتشمل البطاريات المستخدمة لتشغيلها.
تُعدّ البطاريات والشواحن الرخيصة، أو رديئة الجودة، أو غير المعتمدة، عاملاً رئيسياً في اندلاع حرائق السكوتر الكهربائي. وتعمل هذه السكوترات ببطاريات ليثيوم أيون، التي قد تتسبب في حريق يصعب السيطرة عليه عند ارتفاع درجة حرارتها أو شحنها بطريقة خاطئة.
وفي هذا الصدد، قالت كولا ميساريتو، المسؤولة الصحفية في خدمة الإطفاء: "نعم، وقعت حوادث. وهذه الحوادث تتعلق ببطاريات من متاجر محددة".
وأوضحت: "نعتقد أن السبب قد يعود إلى التعديلات التي يجريها المستخدمون أو شراء بطاريات وأضواء غير معتمدة. ولهذا، فإن أي إطار تشريعي يهدف إلى تقليل هذه الحوادث يُعدّ أمراً إيجابياً".
ورحبت ميساريتو بالإصلاح المحتمل قائلة: "إذا كانت التعديلات أو البطاريات غير المعتمدة تتسبب في وقوع حوادث، فإن مراقبة السوق والتفتيش من شأنهما زيادة سلامة المنتج وتقليل المخاطر بشكل كبير".
في المقابل، تصر وزارة النقل على أن الحظر الشامل ليس مطروحاً للنقاش.
وقال المهندس التنفيذي بالوزارة هاريس كريستودولو: "منذ البداية، وضعنا القضية في سياقها الصحيح ولم نتأثر بالحماس المفرط في الخارج، ولن نتأثر بقرارات الحظر في أي مكان آخر".
وأشار كريستودولو إلى التشريع الذي صدر في يوليو/تموز 2022: "يضع تشريعنا الوطني إطاراً صارماً يعطي الأولوية للسلامة على الطرق قبل حرية التنقل. والهدف هو التخفيف التدريجي لهذه الأحكام إذا سمحت الظروف بذلك".
ومع ذلك، اعترف كريستودولو بأن "التنفيذ" يشكل تحدياً قائماً: "لو كان الإطار التشريعي يُطبق بشكل صحيح، لما كنا نواجه هذه المشكلة. ندعو جميع الجهات المعنية، وفي مقدمتها السلطات البلدية، إلى المساهمة الفعالة في ضبط شركات التأجير وترخيصها".
من جهتها، أدلت كريستيانا زينوفونتوس، مديرة شركة V+O Communication الممثلة لشركة Bolt (بولْت)، بتصريح أوضحت فيه: "جميع دراجاتنا الكهربائية تحمل رقم تسجيل فريداً، ورمز استجابة سريعة (QR code)، ورقم تعريف المركبة محفوراً على هيكلها. وهذه التفاصيل مُسجلة في قاعدة بيانات بولت وسجل البلدية".
وأضافت زينوفونتوس أن "على الدراجين التسجيل عبر تطبيق Bolt. وهناك طرق متعددة لتحديد هوية المركبة والراكب والترتيب والموقع إذا لزم الأمر".
وأكدت زينوفونتوس على ضرورة التمييز بين السكوتر الخاص والمؤجر: "لا ينبغي الخلط بين وسائل التنقل الصغيرة والدراجات البخارية الخاصة، التي تظل غير منظمة ولا يمكن للسلطات تعقبها".
كما أفادت بأن شركة Bolt توفر تأميناً ضد الحوادث الشخصية للركاب وتغطية المسؤولية عن أضرار الطرف الثالث.
ووفقاً لزينوفونتوس، "يمكن للمستخدمين المتورطين في الحوادث التواصل مع خدمة العملاء عبر التطبيق للحصول على الإرشادات. ويتم تقييم كل حالة على حدة".
وفي الختام، يظل الجدل حول سلامة السكوتر الكهربائي في قبرص دون حل قاطع. ويتفق أعضاء البرلمان، ووزارة النقل، ومسؤولو السلامة، وقطاع التنقل الصغير على أمر واحد: الإصلاح ضروري ولا مفر منه.
واختتم موشيوتاس: "نتفق على ضرورة فرض تأمين إلزامي على مستخدمي السكوتر. الهدف ليس إلغاء التأمين، بل تطبيق التشريعات القائمة، بحيث لا يُسمح لهم بالقيادة إلا في المناطق المسموح بها وبطريقة آمنة".

تعليقات
إرسال تعليق