الاتحاد الأوروبي يرفع أسعار السجائر – خطة لفرض ضريبة تصل إلى 3 يورو، وقد تتجاوز 7 يورو لكل علبة
تستعد العواصم الأوروبية لمواجهة عاصفة ضريبية غير مسبوقة تستهدف مدخني القارة، حيث تخطط بروكسل لفرض ما يمكن وصفه بأكبر زيادة ضريبية على السجائر ومنتجات التبغ على الإطلاق في تاريخ الاتحاد الأوروبي. هذه الخطوة، التي شغلت مجلس وزراء مالية الاتحاد الأسبوع الماضي، لا تستهدف فقط حماية الصحة العامة، بل تشكل أيضاً محاولة جريئة لتعزيز إيرادات ميزانية الاتحاد الأوروبي.
تفاصيل الزيادة الصادمة: 139% على ضريبة الاستهلاك
الوثيقة المقترحة من المفوضية الأوروبية تقترح رفع ضريبة الاستهلاك الخاصة على السجائر بنسبة مذهلة تصل إلى 139%. الرقم المستهدف الجديد هو 215 يورو لكل ألف سيجارة، ارتفاعاً من الحد الأدنى الحالي المفروض وهو 90 يورو فقط.
ولفهم التأثير المباشر لهذه الزيادة، يجب النظر إلى التكلفة على المدخن اليومي. في دول مثل قبرص، حيث يبلغ سعر علبة السجائر (20 سيجارة) حالياً حوالي 4.60 يورو، من المتوقع أن يقفز السعر النهائي إلى 7 يورو للعلبة، بل وقد يتجاوز هذا الرقم إذا لم تمتص الشركات المسوّقة جزءاً من العبء الضريبي الجديد.
فاتورة المدخن السنوية.. "راتب كامل يذهب للتبغ"
بالنسبة للمدخن العادي الذي يشتري علبة سجائر واحدة يومياً، فإن هذه الزيادة ستشكل عبئاً مالياً قاسياً.
التكلفة الشهرية الحالية (بسعر 4.60 يورو): حوالي 140 يورو.
التكلفة الشهرية المتوقعة (بسعر 7 يورو): أكثر من 210 يورو.
العبء السنوي الإضافي: سيشهد المدخنون ارتفاعاً في نفقاتهم السنوية يصل إلى 800 يورو أو ربما يتجاوزها.
هذا المبلغ الإضافي السنوي يعادل عملياً قيمة معاش شهري كامل للمتقاعد العادي في العديد من الدول. حتى بالنسبة للمدخنين المتقطعين، فإن ارتفاع سعر كل علبة بمقدار 2 إلى 3 يورو يمثل سعراً مرتفعاً، يعادل سعر "القهوة المريحة" التقليدية، مما يجعل التدخين رفاهية شبه مستحيلة.
لماذا الآن؟ صحة وإيرادات ميزانية
أعطت المفوضية الأوروبية الضوء الأخضر لمراجعة "توجيه الرسوم الجمركية" منذ الصيف، مبررة هذه المراجعة الشاملة بأن الإطار الضريبي الحالي ظل دون تغيير لأكثر من 15 عاماً.
الهدف المعلن والرئيسي هو حماية الصحة العامة، وذلك عبر استخدام الأداة الضريبية لتقليل استهلاك التبغ.
ومع ذلك، لا يمكن إغفال الاعتبارات الميزانية، إذ يُنظر إلى زيادة الضرائب على منتجات التبغ كـ"مصدر سهل للإيرادات الجديدة" لميزانية الاتحاد الأوروبي، في وقت تسعى فيه بروكسل لتعزيز مصادر تمويلها الذاتي.
بموجب الإطار الحالي (قبل التعديل المقترح)، يجب أن تمثل ضريبة الاستهلاك الخاصة ما لا يقل عن 60% من متوسط سعر التجزئة، وبحد أدنى لا يقل عن 90 يورو لكل 1000 سيجارة.
ومن المثير للاهتمام أن أغلب الدول الأوروبية تتجاوز هذا الحد الأدنى بالفعل. فدول مثل أيرلندا، وفرنسا، وهولندا، تفرض ضرائب تزيد بأكثر من الضعف عن الحد الأدنى المفروض، وهو ما يضعها بالفعل في مواجهة ظاهرة التهريب المكثفة، وهي معضلة قد تتفاقم بشكل كبير مع تطبيق الزيادة الجديدة.
باختصار، تمثل خطة الاتحاد الأوروبي لزيادة الضرائب على التبغ قراراً ضخماً يوازن بين هدف الصحة العامة والحاجة إلى الإيرادات، لكنه في الوقت ذاته ينذر بتحميل المستهلكين الأوروبيين أعباء مالية غير مسبوقة وربما فتح الباب على مصراعيه أمام أنشطة السوق السوداء والتهريب عبر الحدود.
(المصدر: reporter.com.cy)
Ads by Eonads

تعليقات
إرسال تعليق