حتى لو أُعلنت سوريا آمنة غدًا، فمن المستحيل ترحيل ملايين السوريين. هذا من شأنه أن يُزعزع استقرار سوريا، ويُولّد لاجئين جددًا.
أنت محق تمامًا في تسليط الضوء على التحديات الهائلة التي ينطوي عليها إعادة ملايين السوريين إلى وطنهم، حتى لو أُعلنت سوريا آمنة غدًا. الأمر ليس مجرد فتح الحدود؛ فالتحديات العملية والعواقب المحتملة مذهلة.
إليك سبب صعوبة عودة اللاجئين السوريين على نطاق واسع وبسرعة، واحتمال أن يؤدي ذلك إلى زعزعة الاستقرار:
الدمار الهائل للبنية التحتية
لقد دمرت سنوات الصراع البنية التحتية في سوريا. فالمنازل والمدارس والمستشفيات والطرق والخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء مدمرة إلى حد كبير أو متضررة بشدة في العديد من المناطق. ببساطة، لا توجد بنية تحتية سليمة أو عاملة بما يكفي لاستيعاب ملايين المواطنين العائدين. سيجد العديد من العائدين أن منازلهم قد اختفت أو يشغلها آخرون، مما سيؤدي إلى نزاعات حول السكن والأراضي والممتلكات.
انعدام سبل العيش والفرص الاقتصادية
لقد دُمّر الاقتصاد السوري، مع انتشار البطالة، والتضخم الجامح، ومعدل فقر يبلغ حوالي 90%. حتى لو عاد الناس، هناك عدد قليل جدًا من الوظائف أو سبل كسب العيش. فبدون فرص اقتصادية، سيواجه العائدون صعوبات شديدة، مما قد يؤدي إلى نزوح متجدد أو زيادة الاحتياجات الإنسانية.
هشاشة الأمن والحوكمة
بينما يعني إعلان "آمن" نهاية الصراع واسع النطاق، قد يظل الوضع الأمني الأساسي هشًا. فخطر تجدد العنف، ووجود الذخائر غير المنفجرة، وعدم اليقين بشأن هياكل الحوكمة يمكن أن يثني عن العودة أو يجعلها غير آمنة.
الضغط على الموارد والخدمات
حتى لو تم إصلاح بعض البنية التحتية، فإن الحجم الهائل للعائدين سيطغى على أي خدمات قائمة، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم وأنظمة الدعم الاجتماعي. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الاحتياجات الإنسانية ويمكن أن يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار.
تحديات التماسك الاجتماعي والاندماج
إن إعادة دمج ملايين الأشخاص في مجتمعات تأثرت هي الأخرى بشدة بالنزاع والنزوح والتغيرات الديموغرافية يمثل تحديًا اجتماعيًا معقدًا. فقد تكون هناك توترات بشأن الموارد والأراضي والتجارب المختلفة للحرب.
توليد نزوح جديد
بدون تخطيط وموارد كافية وبيئة مستقرة وآمنة حقًا، فإن العودة الجماعية القسرية أو التي تدار بشكل سيء يمكن أن تؤدي بالفعل إلى موجات جديدة من النزوح، سواء داخليًا داخل سوريا أو عبر الحدود الدولية مرة أخرى. وهذا من شأنه أن يقوض أي جهود نحو الاستقرار على المدى الطويل.
يؤكد القانون الدولي، وخاصة مبدأ العودة الطوعية، على أن العودة يجب أن تكون طوعية وآمنة وكريمة. وهذا يعني أن الظروف في بلد المنشأ يجب أن تظهر تغييرًا جوهريًا ومستقرًا ودائمًا، مما يسمح للاجئين بالعودة دون خوف على حياتهم أو حريتهم. إن مجرد إعلان منطقة "آمنة" على الورق لا يساوي الواقع على الأرض المطلوب للعودة المستدامة.
لذلك، حتى مع إعلان نظري للسلامة، فإن العقبات العملية واللوجستية والاجتماعية والاقتصادية تجعل الترحيل السريع لملايين السوريين مهمة شبه مستحيلة دون دعم دولي واسع النطاق وطويل الأمد وخطة شاملة تدار بعناية.
تعليقات
إرسال تعليق