اللغة القبرصية العربية - تم الاعتراف بها كلغة أقلية في قبرص عام 2008

 اللغة القبرصية العربية -  تم الاعتراف بها كلغة أقلية في قبرص عام 2008
اللغة القبرصية العربية - تم الاعتراف بها كلغة أقلية في قبرص عام 2008

 هذه اللغة الفريدة. اللغة القبرصية العربية، أو كما يسميها متحدثوها "أرابيكا" أو "سانـّا" (لغتنا)، هي واحدة من أكثر اللهجات العربية تمايزًا وفرادة. يتحدث بها بشكل أساسي الموارنة في قبرص، ومعظمهم في نيقوسيا، مع تجمعات قليلة في كرماكيتي وليماسول.

نشأة وتطور اللغة

جُلبت هذه اللهجة العربية إلى قبرص على يد الموارنة النازحين من لبنان وسوريا على مدار سبعة قرون تقريبًا، بدءًا من القرن السابع الميلادي وحتى القرن الثالث عشر. وبسبب عزلتها الجغرافية عن باقي العالم العربي، تطورت هذه اللهجة بشكل مستقل، مما أدى إلى احتفاظها بملامح لغوية قديمة جدًا من جهة، وتأثرها العميق باللغة اليونانية القبرصية من جهة أخرى، خاصة في الصرف والمفردات.

يُعتقد أن اللغة القبرصية العربية هي نتاج "تركيب لغوي وثقافي فريد، يستمد من العربية، والآرامية، واليونانية". كما أنها تُصنف ضمن "اللهجات العربية الطرفية" بسبب عزلتها شبه الكاملة عن العربية الفصحى واللهجات العربية السائدة.

مميزات وخصائص فريدة

تتميز اللغة القبرصية العربية بعدة خصائص تجعلها مميزة للغاية:

  • تأثر قوي باليونانية: هذا هو أبرز ما يميزها، حيث استعارت الكثير من الكلمات والقواعد النحوية من اللغة اليونانية القبرصية. حتى نظامها الصوتي تأثر بشدة باليونانية.

  • احتفاظ بملامح قديمة: على الرغم من تأثير اليونانية، إلا أنها احتفظت ببعض السمات اللغوية القديمة التي لم تعد موجودة في معظم اللهجات العربية المعاصرة، مما يجعلها محل اهتمام اللغويين.

  • استيعاب من لهجات مختلفة: مكونها العربي هو مزيج من لهجات متنوعة من جنوب شرق الأناضول، وشمال سوريا، وبلاد ما بين النهرين، ومنطقة المشرق، مما يقدم رؤى فريدة حول التطور التاريخي للعربية الشرقية.

  • عدم وجود شكل مكتوب تقليدي: تطورت هذه اللغة كصيغة شفوية بحتة، ولم يكن لها شكل كتابي موحد لفترة طويلة. في ديسمبر 2007، قدم اللغوي المالطي ألكسندر بورغ أبجدية لهذه اللغة، وتم تنقيحها في مارس 2016، وغالبًا ما تُكتب بالأحرف اللاتينية.

  • غياب بعض الحروف العربية: فقدت اللغة القبرصية العربية بعض الحروف الحلقية (مثل القاف والجيم القاهرية) والأصوات المطبقة الموجودة في العربية الفصحى وبعض اللهجات الشامية.

الوضع الحالي للغة

تُصنف اللغة القبرصية العربية حاليًا كلغة مهددة بالانقراض بشدة. فوفقًا لإحصاء عام 1995، كان عدد المتحدثين بها حوالي 1300 نسمة، ومعظمهم ممن تزيد أعمارهم عن 30 عامًا، مما يشير إلى تراجع استخدامها بين الأجيال الشابة.

بعد الغزو التركي للشطر الشمالي من قبرص عام 1974، نزح غالبية سكان كرماكيتي (القرية التي كانت معقلًا رئيسيًا للمتحدثين) إلى الجنوب وتشتتوا، مما أدى إلى تدهور أكبر في استخدام اللغة.


في عام 2008، تم الاعتراف باللغة القبرصية العربية كلغة أقلية في قبرص، ضمن إطار الميثاق الأوروبي للغات الإقليمية أو لغات الأقليات لمجلس أوروبا. وتعمل وزارة التربية والتعليم في قبرص، بالتعاون مع المجتمع الماروني، على وضع سياسات لإنعاش هذه اللغة والحفاظ عليها، كجزء من التراث الثقافي والديني المسيحي الشرقي في الجزيرة.

رغم التحديات، يسعى مجتمع الموارنة جاهدًا للحفاظ على هذه اللغة الفريدة وكل ما تجسده من كلمات وتعابير.

تعليقات