الأورومتوسطي" يُدين تعليق طلبات لجوء السوريين في أوروبا ويُشدد على مخالفته الصريحة للقانون الدولي

 الأورومتوسطي" يُدين تعليق طلبات لجوء السوريين في أوروبا ويُشدد على مخالفته الصريحة للقانون الدولي
الأورومتوسطي" يُدين تعليق طلبات لجوء السوريين في أوروبا ويُشدد على مخالفته الصريحة للقانون الدولي


المرصد يؤكد: ظروف العودة الآمنة والكريمة إلى سوريا لا تزال غير متوفرة

أعرب " المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" عن بالغ قلقه واستنكاره إزاء الإجراءات المستمرة التي تتخذها دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، والتي تتمثل في التجميد الجماعي لعشرات الآلاف من طلبات اللجوء المقدمة من مواطنين سوريين. وأكد المرصد الحقوقي أن هذه الممارسات تتم بصورة شاملة دون إجراء تقييم فردي ومستقل لكل حالة على حدة، وهو ما يمثل انتهاكاً واضحاً ومباشراً لمبادئ القانون الدولي الراسخة، وعلى رأسها مبدأ "عدم الإعادة القسرية".


واستناداً إلى مصادر رسمية موثوقة، أوضح "المرصد الأورومتوسطي" أن دولاً أوروبية بارزة مثل جمهورية ألمانيا الاتحادية، والجمهورية الفرنسية، وجمهورية النمسا، وجمهورية اليونان، قد عمدت إلى تجميد أعداد كبيرة من طلبات اللجوء المقدمة من سوريين. وقد اتخذت هذه الدول من "تقييم الوضع السياسي الراهن في الجمهورية العربية السورية" ذريعة لتبرير هذه الإجراءات.

وفي تفصيل للأعداد، كشف المرصد أنه في ألمانيا وحدها، قام المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين بتعليق إصدار القرارات النهائية بشأن ما يزيد عن سبعة وأربعين ألف طلب لجوء. وفي فرنسا، وُضع نحو سبعمائة طلب لجوء قيد المراجعة المعلقة، وتضمنت هذه الطلبات حالات لأطفال قُصر غير مصحوبين بذويهم، مما يثير مخاوف خاصة بشأن وضعهم وحقوقهم. أما في النمسا، فقد اتخذت الحكومة المؤقتة قراراً بوقف إجراءات اللجوء بشكل عام منذ شهر كانون الأول/ديسمبر من العام 2024، في حين تشير الإحصائيات إلى تجميد ما يقارب تسعة آلاف طلب لجوء في اليونان.

وعلى صعيد المملكة المتحدة، أعلنت وزارة الداخلية البريطانية في شهر كانون الأول/ديسمبر من العام 2024 عن "تجميد مؤقت" لاتخاذ قرارات بشأن طلبات اللجوء المقدمة من المواطنين السوريين. وبحلول شهر شباط/فبراير من العام 2025، شمل هذا القرار أكثر من ستة آلاف وستمائة طلب لجوء.

المرصد يؤكد: ظروف العودة الآمنة والكريمة إلى سوريا لا تزال غير متوفرة

وفي تقرير مفصل أصدره بهذا الشأن، شدد "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" على أن الوضع الإنساني والأمني في الجمهورية العربية السورية لا يزال بعيداً كل البعد عن توفير الظروف الملائمة لعودة آمنة وكريمة للاجئين. واستند المرصد في تقييمه هذا إلى تقارير صادرة عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، والتي تؤكد بشكل قاطع على غياب المعايير الدنيا المطلوبة لتحقيق عودة طوعية حقيقية. وتشمل هذه المعايير بشكل أساسي غياب الأمن والاستقرار الشامل، وعدم وجود ضمانات حقيقية ضد الاعتقال التعسفي والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة اللاإنسانية أو المهينة، فضلاً عن ضعف أو غياب المؤسسات الفاعلة التي يمكن أن تضمن حماية حقوق العائدين.

وأكد المرصد الحقوقي على أن تعليق أو سحب الحماية الدولية الممنوحة للاجئين لا يجوز قانوناً إلا في ظل شروط استثنائية بالغة الصرامة، وبعد إجراء مراجعة فردية دقيقة وشاملة لكل حالة على حدة. واعتبر أن التجميد الجماعي لطلبات اللجوء يشكل انتهاكاً مباشراً لمبدأ "عدم الإعادة القسرية"، وهو أحد المبادئ الأساسية في القانون الدولي لحقوق الإنسان وقانون اللاجئين، والذي يحظر بشكل مطلق إعادة أي شخص إلى بلد قد يواجه فيه خطر الاضطهاد أو التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو المهينة.

علاوة على ذلك، أشار "المرصد الأورومتوسطي" إلى أن هذه السياسات تتعارض بشكل واضح مع التوجيهات الصادرة عن الاتحاد الأوروبي نفسه، والتي تنص صراحة على ضرورة دراسة كل طلب لجوء على أساس فردي ومستقل، وتقديم تفسير كتابي مفصل لأي قرار يتم اتخاذه بسحب الحماية الدولية، بالإضافة إلى ضمان حق مقدم الطلب في الطعن في القرار والدفاع عن حقوقه.

تجميد الطلبات يُفاقم المعاناة ويُحدث آثاراً نفسية واقتصادية واجتماعية مدمرة

وحذر "المرصد الأورومتوسطي" من أن استمرار تجميد طلبات اللجوء المقدمة من السوريين يؤدي إلى تفاقم معاناتهم الإنسانية بشكل كبير، ويضعهم في فراغ قانوني مُقلق يُعيق بشدة قدرتهم على الوصول إلى حقوقهم الأساسية التي يكفلها القانون الدولي، مثل الحق في التعليم، والحق في العمل، والحق في الحصول على الرعاية الصحية اللازمة، والحق في لم شمل أسرهم التي تشتتت بفعل الحرب والنزوح. وأكد المرصد أن هذا التأخير المطول يزيد من شعورهم بالتهميش النفسي والاجتماعي، ويعرضهم لخطر الوقوع في براثن الفقر والاستغلال.

كما نبّه "المرصد الأورومتوسطي" إلى الخطر الحقيقي لما وصفه بـ "الإعادة القسرية غير المباشرة"، حيث قد يُجبر اللاجئون السوريون على اتخاذ قرار بالعودة إلى بلادهم تحت وطأة ضغوط نفسية ومعيشية هائلة، وذلك حتى في غياب قرار ترحيل رسمي صادر بحقهم، وهو ما يُعد أيضاً انتهاكاً للاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الصلة بحقوق اللاجئين.

وشدد "المرصد الأورومتوسطي" على أن السياسات الحالية التي تتبعها بعض الدول الأوروبية والمملكة المتحدة تنتهك بشكل صارخ التزاماتها الدولية بموجب اتفاقية اللاجئين لعام 1951 وبروتوكولها اللاحق، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتقوض الثقة في النظام الدولي لحماية حقوق الإنسان برمته. وأكد المرصد على الضرورة الملحة لالتزام هذه الدول بتوفير بيئة قانونية عادلة وإنسانية لطالبي اللجوء السوريين، خاصة في ظل استمرار حالة انعدام الأمن والاستقرار في سوريا.

توصيات عاجلة للدول الأوروبية والمملكة المتحدة

وفي ختام تقريره، قدم "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" مجموعة من التوصيات العملية والعاجلة التي يتعين على الدول الأوروبية والمملكة المتحدة اتخاذها فيما يتعلق بالتعامل مع ملف اللاجئين السوريين، وكان من أبرز هذه التوصيات:

الإنهاء الفوري للتجميد الجماعي لجميع طلبات اللجوء المقدمة من المواطنين السوريين، والعودة إلى نظام التقييم الفردي لكل حالة على حدة، بما يتماشى مع القانون الدولي والمعايير الإنسانية.

عدم استخدام التغيرات السياسية التي قد تطرأ في سوريا كذريعة عامة لسحب وضع اللاجئ أو رفض طلبات اللجوء، إلا بعد إثبات حدوث تغيير جوهري ودائم في الأوضاع الأمنية وحقوق الإنسان، بما يضمن بيئة آمنة ومحترمة لحقوق العائدين.

ضمان الشفافية والمساءلة في جميع القرارات المتعلقة بتعليق أو سحب الحماية الدولية، وذلك من خلال توضيح المعايير والإجراءات المستخدمة في اتخاذ هذه القرارات، وتحديث هذه المعايير باستمرار بالاستناد إلى مصادر معلومات موثوقة، مثل التقارير الصادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

توفير الحماية القانونية والاجتماعية المؤقتة لجميع طالبي اللجوء السوريين خلال فترة انتظار البت في طلباتهم، ويشمل ذلك توفير السكن الملائم، وضمان حقهم في التعليم، وإتاحة فرص العمل، وتوفير الرعاية الصحية الشاملة.
تسريع الإجراءات المتعلقة بلم شمل الأسر التي تشتتت بفعل النزاع، وتعيين أوصياء قانونيين بشكل عاجل للقاصرين غير المصحوبين بذويهم لضمان حمايتهم ورعايتهم.


مضاعفة حصص إعادة التوطين المخصصة للفئات الأكثر ضعفاً من اللاجئين السوريين، مثل الأرامل والأيتام، والأشخاص ذوي الإعاقة، وضحايا التعذيب والعنف الجنسي، وغيرهم من الفئات التي تحتاج إلى حماية دولية خاصة.

تعليقات