أنس قصة كفاح خارج وطن مجروح
قبرص/ تقرير أنس عطا الله
كثيرة هي قصص اللجوء في وقتنا الحاضر، و التي نتجت في ظل الصراعات والازمات التي تمر بها دول العالم الثالث، لكن القصه التي احدثكم عنها في هذا التقرير هي عن شاب فلسطيني التصقت به صفة اللجوء قبل ان يولد
في لبنان عام 1990 ، والتي بدات معاناته كما الكثير من العوائل الفلسطينية التي اخرجتها العصابات الصهيونيه قسرا من وطنهم فلسطين عام 1948، هذا العام المشؤوم والذي يعرف بعام النكبة ، هذه العوائل والتي كان من ضمنهم جد الشاب انس حسيان، هذا الشاب الذي حرم من وطنه المسلوب، ومن العيش في كنف امه التي اختارت الانفصال عن والده وهو لم يتجاوز العامين فقط، ليشاركه المعاناة أخوه الوحيد الذي لم يكن قد بلغ الشهرين، وما بين طفولته المنتزعة من حنان الام و حتى بلوغه عامه الثامن والعشرين تخلل حياه أنس تجارب مريرة كان اخرها قراره خوض تجربة اللجوء اختياريا، وهذه المرة إلى جزيرة قبرص هربا من الأوضاع المأساوية التي عاشها هو وعائلته الصغيرة المكونة من زوجته مها وطفله الرضيع حمزة.
في لبنان عام 1990 ، والتي بدات معاناته كما الكثير من العوائل الفلسطينية التي اخرجتها العصابات الصهيونيه قسرا من وطنهم فلسطين عام 1948، هذا العام المشؤوم والذي يعرف بعام النكبة ، هذه العوائل والتي كان من ضمنهم جد الشاب انس حسيان، هذا الشاب الذي حرم من وطنه المسلوب، ومن العيش في كنف امه التي اختارت الانفصال عن والده وهو لم يتجاوز العامين فقط، ليشاركه المعاناة أخوه الوحيد الذي لم يكن قد بلغ الشهرين، وما بين طفولته المنتزعة من حنان الام و حتى بلوغه عامه الثامن والعشرين تخلل حياه أنس تجارب مريرة كان اخرها قراره خوض تجربة اللجوء اختياريا، وهذه المرة إلى جزيرة قبرص هربا من الأوضاع المأساوية التي عاشها هو وعائلته الصغيرة المكونة من زوجته مها وطفله الرضيع حمزة.
“لم أكن قد بلغت العامين حينما تخلت عنا أمي هربا من حياتها الزوجية مع أبي، الذي اصيب بشظية في رأسه اثناء الحرب الأهلية اللبنانية عام 1982, والتي عانى على اثرها عجزا في جسده بلغ نسبة 80 في المئة، هذا العجز الذي دفع والدي إلى وضعنا في جمعية “SOS”، التي أسسها النمساوي هلمت غماينر، وتعنى هذه الجمعية بمساعدة الاطفال الذين تشردوا في الحرب العالمية وجمعهم دون التمييز بين لونهم وعرقهم ودينهم، واليوم لديها فروع حول العالم منها فلسطين ولبنان”، واضاف ” تعلمت بداخل اروقت الجمعية كل ما يفيد في الحياة حتى صف الثاني عشر ، ومن ثم غادرت المؤسسة وأنا بعمر 18 و انتقلت الى صيدا لاكمل دراستي الجامعية ورغم ذلك لم يقطع القائمون على جمعية “SOS” اتصالهم بي”.
وتابع قائلا: “لم تمنعني ظروف الحياة الصعبة ولا حتى التمييز المفروض علينا كلاجئين فلسطينيين في لبنان من التعلم والمثابرة، فقد تخرجت عام 2011 من كلية سبلين بدبلوم محاسبة، وحصلت عام 2013 على الإجازة الجامعية في ادارة الاعمال، وعملت كمساعد مدرس لتغطية نفقاتي الجامعية ومساعدة والدي، ومن ثم وقع أختياري على شابة سورية لتكون شريكة حياتي، ولم نلبث إلا قليلا حتى رزقنا الله بطفلنا حمزة”.
هذه الاحداث التي أشركني بتفاصيلها أنس جلعتني اتساءل عن واقع حياة اللاجئ الفلسطيني من منظور هذا الشاب، مجيبا: ” كلاجئين فلسطينيين في لبنان نحن محرومون من كامل الحقوق السياسية والمدنية، وعلى سبيل المثال نحن محرومون من العمل بأكثر من 70 وظيفة, ولك أن تتخيل الحياة بدون حقوق، فأنا كفلسطيني لاجئ لا استطيع العودة إلى وطني، و على ضوء هذه الظروف الصعبة التي اعيشها في لبنان لم يبقى أمامي غير خوض تجربة الهجرة إلى أوروبا”، مضيفا ” لقد دفعنا الحرمان الى البحث عن يد حنونة تساعد في انتشالنا مما نحن فيه، والسعي للعثور على حقوق الانسان والعيش الكريم في بلاد الاغتراب، لذا قدمنا على الانروا والمفوضية للبحث لنا عن مكان لجوء، لكن للاسف لم نحظى بأي مساعدة، و قدمنا على الهجرة الرسمية الى استراليا ولكن ايضا جاءنا الرفض”.
هنا قاطع أنس انصاتي بسؤاله ” اين يذهب الفلسطيني في هكذا حالة؟”، مستنكرا “لا دول عربية تستقبلنا، ولا وطن نعود اليه، ولا حياة كريمة نعيشها في لبنان، وحتى الاغتراب طريق كله شوك، فبعد أن يأست من الهجرة الشرعية، لجأت إلى السبل الغير شرعية عن طريق سوريا، ولكن هذه الطريق فشلت وخسرت بسببها مبلغ 2000 دولار قبل أن ارجع إلى لبنان”.
وعند سؤاله عن سبب اختياره لقبرص، قال: ” علمت من خلال هجرة السوريين أن جزيرة قبرص مفتوحة لمن يرغب بالهجرة، فسارعت بالذهاب إلى مكتب للسياحة والسفر لحجز تذاكر سفر لي ولزوجتي وطفلي إلى القسم الشمالية لقبرص والخاضع تحت الحكم التركي، وفعلا قمت بدفع مبلغ 2000 دولار سعر تذاكر الطائرة والحجز الفندقي، وعند موعد الرحلة تفاجأت بمنع زوجتي من الصعود إلى الطائرة لأنها سورية الجنسية، وذلك بعد صدور قرار من السلطات التركية في قبرص الشمالية تقتضي التحصل على فيزا للسوريين قبل التوجه إلى قبرص، وفي هذه اللحظة أبلغوني في المطار أنه لا مانه من سفري أنا وطفلي، لكن زوجتي عليها البقاء في لبنان وهو خيار مخالف للمنطق، وهنا كان علي أن أختار ما بين البقاء مع أسرتي والتضحية بتكاليف الرحلة لأنها غير مستردة، أو أن أخوض هذه التجربة وحيدا، تاركا خلفي مها وحمزة الرضيع”.
كان واضحا على أنس اثناء حديثه معي، علامات الحيرة وعدم استيعابه للاحداث التي آلت به بعد قراره بالصعود إلى الطائرة متوجها لقبرص، لكن تابع حديثه قائلا: ” قد لا تصدق ما سأقوله لك ولكن ها أنا امامك الآن وما سأحدثك به هو فعلا ما حدث بعد أن وصلت إلى مطار أرجان في القسم الشمالي، اذ قطعت الحدود وحيدا معتمدا على لغتي الانجليزية والفرنسية والقليل من الالمانية لقراءة اللافتات على الطريق، وقد سرت لمسافة ٣ ساعات ونصف من منطقة “فاماجوستا” وحتى مدينة “لارنكا” لأصبح في القسم اليوناني من جزيرة قبرص، وهنا التقيت بشعب قبرص الطيب على هذه الارض الجميلة، ولكن لدى وصولي لم اعرف مركز الشرطة فبدأت اسأل، حتى التقيت برجل قبرصي بغاية اللطف حيث استقبلني وتعاطف مع حالتي وعرض عليّ النوم في محله التجاري”.
واضاف أنس “في الصباح تعرفت على رجل سوري من مدينة بافوس، فقال لي لا تقدم لجوء في لارنكا، سوف آخذك إلى بافوس حيث اسكن فهناك معاملات اللجوء اسرع، وفعلا استضافني في بيته يومان قبل أن يذهب بي إلى دائرة الهجرة واللجوء، ولكن قبل أن يتركني طالبني بمبلغ 200دولار، معللا أن هذا المبلغ هو تكلفة ما قام به، وهنا لم يبقى معي سوى 100 يورو”.
وتابع ” سلمت نفسي لدائرة الهجرة وقدمت اوراقي الثبوتية واخبرتهم عن حالتي وقصتي وكل ما مررت به حتى استطيع الوصول إلى قبرص، فاخبروني بأن اقوم بمراجعتهم بعد اسبوع، وهنا استنكرت ما قالوا معللا استنكاري بأين اذهب؟ وماذا افعل؟ وانا لا أملك المال الكافي ولا حتى المعرفة بطبيعة هذه البلد أو ما ينتظرني من أحداث، وكان جوابهم أن اذهب إلى مكتب يطلق عليه ” ويلفر” وهو معني بتقديم المساعدات الغذائية والمالية للحالات المحتاجة، وفعلا ذهبت إلى هناك واخبرتهم بقصتي وقاموا بحجز غرفة داخل فندق لمدة خمسة ايام فقط، لأنه حسب قولهم هذا ما يستطيعون فعله، بالإضافة إلي مبلغ مالي قدره 65 يورو، وها أنا الأن باقي لي يوم واحد داخل الفندق ولا أعلم إلى أين سوف اذهب او ماذا افعل بعدها”.
وختم أنس حديثه قائلا: ” احاول البحث عن عمل حتى استطيع تحمل تكلفة العيش والبدء في حياة جديدة هنا، ولكن الايام القليلة القادمة سوف تحدد مصيري ومصير زوجتي وأبني ، فهم يحتاجون إلي كمعيل وزوج وأب، فإذا لم اتدبر اموري في قبرص لن يبقى أمامي سوى العودة لهم إلى لبنان، لنرجع معا إلى حياتنا البائسة ومعاناتنا المتجددة في البحث عن الحياة الكريمة والمستقبل الواعد
منقول من موقع فلسطينيو قبرص
nooreddin
تعليقات
إرسال تعليق