لإخضاعها وفرض واقع جديد.. الاحتلال الإسرائيلي يحاصر أرزاق أهالي محافظة القنيطرة

لإخضاعها وفرض واقع جديد.. الاحتلال الإسرائيلي يحاصر أرزاق أهالي محافظة القنيطرة
لإخضاعها وفرض واقع جديد.. الاحتلال الإسرائيلي يحاصر أرزاق أهالي محافظة القنيطرة

 يسيطر الخوف على أهالي القنيطرة جنوبي سوريا، من تكرار سيناريو سلب الأراضي من أصحابها من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، بعد أن تحولت سياسة تل أبيب مؤخرا من التوغل إلى محاولة لترسيخ وجودها في الجنوب السوري، مستغلة حالة المخاض السياسي التي تمر بها سوريا بعد إسقاط النظام المخلوع.

تواجه مخططات الاحتلال الإسرائيلي رفضا شعبيا واسعا من قبل السوريين الذين يرفضون الذرائع التي يقدمها الاحتلال لتبرير قضمه لأراض جديدة.


وأبناء الجولان السوري أصحاب تاريخ قديم من الفقدان مع الاحتلال الإسرائيلي كما أنهم كانوا أكثر المتضررين والخاسرين في زمن سلبت منهم فيه أرضهم وهجر معظمهم وأنشأت قوات الاحتلال على دمار قراهم مستوطنات للإسرائيليين.

"نريد سورية موحدة"

"بعد أن انتهينا من حقبة النظام الإجرامي الساقط لن نقبل حكم أعوانه الصهاينة، نريد سوريا موحدة بالكامل"، هكذا يصف يوسف حمد من مدينة صيدا الحانوت في القنيطرة، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا" موقف الأهالي من محاولة قوات الاحتلال فرض سيطرتها على المنطقة.

 كما أوضح يوسف أن قوات الاحتلال دخلت إلى المنطقة محاولةً التقرب من السكان من خلال الاستفسار عن احتياجاتهم وتقديم المساعدات لهم، لكنها واجهت رفضا من الأهالي.

وأضاف أن هذا التوغل ليس الأول، فقد سبق أن دخلت قوات الاحتلال إلى منطقة صيدا والمناطق المجاورة في ظل النظام المخلوع واعتقلوا عددا من المدنيين، في منتصف الليل وبطريقة وحشية في منازل داخلها أطفال ونساء.

ويرى يوسف أن توغل إسرائيل بعد سقوط النظام البائد يختلف عما قبل السقوط، حيث بدا عليهم التخوف من خلال تغيير طريقة تعامل قوات الاحتلال مع الأهالي، إذ عملت على السعي لكسب الأهالي فيما كانت سابقاً طريقتها مختلفة ويعود ذلك لتواطؤ النظام المخلوع باستباحة واحتلال الجولان والذي كان يعد حليفا لها.

"نموت شرفاء"

"تتبع قوات الاحتلال معنا سياسية التجوع، محاولة تجويعَنا فنلجأ لها لكننا سنموت شرفاء ولن نقبل وجودهم"، هكذا عبر يوسف عن موقفهم تجاه الدخول الإسرائيلي للأراضي، موضحاً أن قوات الاحتلال منعت الأهالي من زراعة أراضيهم وتربية المواشي لهذا العام تحت ذريعة أن المنطقة باتت عسكرية ويمنع الاقتراب منها.

وبحسب ما ذكر يوسف، فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يكتف بالتوغل بالداخل السوري إنما أنشأ قواعد عسكرية في محافظة القنيطرة جنوبي سوريا.

وتتوزع النقاط كالتالي خمس منها داخل المنطقة العازلة المحددة باتفاق عام 1974، وواحدة خارجها، والقواعد داخل المنطقة العازلة هي قاعدة عند سد المنطرة، وقاعدة في جباتا الخشب بريف القنيطرة الشمالي، وقاعدتان في منطقة حضر (في تلول الحمر وقاعدة شمال شرقي المدينة وأخرى في قرص النفل شمال غربها)، والقاعدة المنشأة خارج المنطقة العازلة هي بمنطقة كودنا جنوبي القنيطرة.

وكان قد صرح وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في 28 كانون الثاني/يناير الماضي، وفقاً لما نقلته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن الجيش الإسرائيلي سيبقى في قمة جبل الشيخ والمنطقة الأمنية إلى أجل غير مسمى "حتى يتم التوصل إلى ترتيب آخر يضمن أمن إسرائيل".

إرث قديم وأطماع لا تنتهي

منذ سقوط نظام الأسد، تكرر الحكومة السورية الجديدة الإعلان عن أن سوريا لن تهدد دول الجوار أو تسمح لحلفاء النظام المخلوع بإعادة تأسيس وجودهم في سوريا، لكن ذلك لم يمنع إسرائيل عن الاستمرار في التوغل داخل سوريا.

وكان الرئيس السوري أحمد الشرع، ردّ على التوغل قائلاً، إن حجج إسرائيل انتهت مع سقوط النظام السوري، وطرد حلفائه من المنطقة.

"لن نصافح أعدائنا، نحن أصحاب إرث قديم وأرض سلبت عبر التاريخ"، هكذا وصف محمود إسماعيل ناشط محلي وطبيب من الرفيد، وجهة نظر أهالي المنطقة نحو قوات الاحتلال الإسرائيلي.

وأوضح محمود، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، أن قوت الاحتلال دخلت إلى منطقة الرفيد يترأسهم ضابط، وطلبوا الاجتماع مع المختار والمشايخ، وقال "طلب الضابط مصافحة المختار لكنه رفض فقال له الضابط الإسرائيلي "نحن أصدقاء" ليرد الأخر قائلًا " لم نكن أصدقاء يوما وطريقة دخولكم للمنطقة دليل يثبت ذلك"، مما أدى إلى حصول مشادة وعراك بين شباب من المنطقة موجودين وقوات الاحتلال.

مغريات مالية

وأضاف محمود أن قوات الاحتلال قدمت عروضا للأهالي للعمل داخل الأراضي المحتلة بمبالغ يومية تصل إلى الـ 100 دولار أميركي مستغلة الوضع المعيشي المتدهور لأهالي المنطقة، خاصة بعد التضييق الذي فرضته من خلال منع الزراعة وتربية المواشي التي يعتمد عليها السكان، كما قدمت عرضا لتحسين الخدمات المعيشية منها الكهرباء وغيرها.

ووفقاً للناشط، فإن أهالي الرفيد لديهم عداء قديم مع قوات الاحتلال إذ سبق وسلبت منهم أرض آبائهم وأجدادهم، كما أنهم شاهد على قتل إخوتهم في فلسطين ولن يضعوا أيديهم في يد هذا المحتل.

" لن نتخلى عن أرضنا سنقاوم في حال فرض علينا ذلك"، كما أشار إلى أن أهالي القنيطرة يتخوفون من تكرار سيناريو فرض التهجير عليهم، فهم شعب أعزل لا يمتلك إلا المقاومة وخياراتهم محدودة في رفض هذا التوغل وأنهم يتبعون الطرق المتاحة لرفض دخول القوات للمنطقة ولكن إن فرض عليهم الاحتلال ستكون المقاومة خيارهم.

وفي 24 شباط/فبراير الماضي، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية "مكان"، أن قوات الجيش الإسرائيلي مستمرة في "تأمين المنطقة العازلة إلى أجل غير مسمى".

وبحسب تأكيدات مسؤولَين أمنيين إسرائيليين اثنين لـ “مكان"، أن المؤسسات الأمنية الإسرائيلية مستعدة لإدخال عمال من سوريا إلى البلدات الإسرائيلية في مرتفعات الجولان، وتريد في البداية عشرات العمال السوريين للعمل في قطاعي البناء والزراعة.

ما وراء التوغلات

يرى العقيد إسماعيل أيوب الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، أن أسباب هذا التوغل هي السعي لاحتلال المزيد من الأراضي السورية والسيطرة على التلال الحاكمة المقابلة لخط الهدنة ولفرض واقع عسكري جديد، إضافة إلى توجه رغبة تل أبيب في إملاء شروط جديد على الحكومة السورية الحالية.

أوضح أيوب، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، أن الثكنات السورية التي دمرها الاحتلال في المنطقة ليست ذات أهمية استراتيجية، ولكنها ذات أهمية تكتيكية خاصة وأن هيكلها ضعيف.

ويرى أن الأهمية تكمن في التوسع الذي تطمح له إسرائيل حيث احتلت تلالا وأراضي سورية جديدة بذريعة ضمان أمنها، وربما تتوسع لاحتلال مناطق أخرى مثل تل الجابية والشعار والحارة وغيرها، إضافة لفرض سيطرتها على المياه والسدود واستجرارها نحو فلسطين المحتلة.

ويضيف أيوب أن سوريا تعد ضعيفة في الوقت الحالي، ويعود ذلك لعدم وجود هيكل جيش أو رادارات مما يجعل خياراتها ضئيلة بما تملكه من مقومات، خاصة أن نظام المخلوع بشار الأسد دمر كل مؤسسات الدولة.


تعليقات