السوريون في مصر.. موائد إفطار وسهرات رمضانية وداعية قبل العودة إلى البلاد

السوريون في مصر.. موائد إفطار وسهرات رمضانية وداعية قبل العودة إلى البلاد
السوريون في مصر.. موائد إفطار وسهرات رمضانية وداعية قبل العودة إلى البلاد


 ينظر السوريون في مصر إلى شهر رمضان بأنه الأخير لهم هناك قبل العودة إلى بلادهم، لأن الكثير منهم يخطط للعودة في موسم الصيف، ما يجعل رمضان هذا العام هو "رمضان وداع".

بالزينة والفوانيس، والسحور الجماعي، وموائد الرحمن، يحاول بعض السوريون أن يعيشوا أجواء رمضان المصرية، للمرة الأخيرة، راغبين بنقل بعض هذه الأجواء معهم إلى بلادهم.

يحل رمضان على السوريين في مصر حاملا معه الكثير من الحنين للعادات التي نشأوا عليها في بلادهم، ومع مرور السنوات، بات تأثير الثقافة المصرية واضحا على طريقتهم في الاحتفاء بالشهر الكريم.

اندمج السوريون تدريجيا في تفاصيل الحياة الرمضانية المصرية، من دون أن يفقدوا هويتهم الخاصة، هذا التداخل بين الثقافتين خلق نمطا فريدا من الإحتفال، يجمع بين الأجواء الشامية التقليدية، والتأثيرات المصرية العريقة.

موائد رمضانية بنكهة مصرية

على الرغم من تمسك السوريين بأطباقهم الشهيرة في رمضان على الإفطار، إلا أن المطبخ المصري فرض حضوره على موائدهم بعد قضائهم لأكثر من عشر سنوات في مصر.

وأصبحت الأطباق المصرية المشهورة مثل الحمام المحشي، والجلاش باللحمة، وغيرها من الأطعمة المفضلة عند بعض السوريين، بالإضافة للحلويات الرمضانية مثل الكنافة والقطايف المقلية، وأكلات أخرى سيحملونها معهم إلى بلادهم.

رولا المحسن (45 عاما) سورية مقيمة في مصر منذ عام 2013 تقول، بعد انتهاء المدارس سنعود إلى سوريا، مما دفعنا للإحتفاء برمضان على الطريقة المصرية بشكل أكبر، خصوصا أن لدينا أصدقاء وجيران مصريين قضينا معهم أفضل الأيام، نحاول أن قضاء أكبر وقت معهم قبل العودة.

تضيف رولا، تعلمت من جارتي المصرية كيفية إعداد الحمام المحشي، والجلاش وغيرها من الأكلات التي دخلت موائدنا وباتت جزءا منها في رمضان، وبالتأكيد سأستمر بإعدادها بعد أن أعود إلى سوريا.

للسحور في مصر نكهة مختلفة وطقوس مميزة، حيث تمتلئ أغلب الشوارع بالموائد والإضاءة والزينة، بالإضافة للخيم الرمضانية والحفلات التي تستمر لوقت الفجر، وأصوات التواشيح التي تصدح من البيوت والمحال.

واستطاع السوريون في مصر الإندماج مع هذه العادات، فأصبحت العديد من العائلات تفضل السحور في الخارج مع الأصدقاء والأقارب من أجل قضاء أجواء رمضانية مختلفة عن التي عاشوها في بلادهم.

رامي عبد الله (38 عاما) سوري مقيم في مصر يقول، هذا آخر رمضان لي في مصر، لذا قررت أن أقضي رمضان مصري بإمتياز، ذهبت مع أسرتي لمطعم مصري وأكلنا الفول والطعمية والجبن المصري، واستمتعنا بأجواء رمضان.


موائد الرحمن.. تكافل مصري-سوري

تنتشر موائد الرحمن خلال رمضان مصر، في كل شارع يخصص مكان معين توضع فيه الطاولات والكراسي ويتطوع بعض الأفراد لخدمة الصائمين.

ولم يقتصر اندماج السوريين على العادات الغذائية، بل امتد للعادات الإجتماعية، حيث أصبحت موائد الرحمن مشهدا مألوفا بينهم، و في العديد من المناطق التي تضم تجمعات سورية كبيرة، أصبح السوريون ينظمون موائد رحمن خاصة بهم، بينما يشارك آخرون في موائد الرحمن المصرية كمتطوعين.

مازن الفضل (29 عاما) سوري مقيم في مصر ومتطوع بجمعية خيرية يقول، لم أكن معتادا على هذا العدد الكبير من الموائد في سوريا، وقد أذهلني الأمر في مصر، مما دفعني للإنضمام لجمعية خيرية، وأصبحت جزءا من الفرق التطوعية التي تقدم الأكل للفقراء.

يضيف مازن، سأعود قريبا إلى سوريا، وقررت مع بعض أصدقائي الذين سيعودون معي، أننا سنقوم بتنظيم موائد في سوريا وطرحنا الفكرة على بعض الجمعيات الخيرية لتنفيذها في رمضان القادم.


الطقوس الدينية وجولات الأماكن القديمة

تتميز الشوارع القديمة في القاهرة بأجواء رمضانية ساحرة، حيث يجتمع التاريخ مع الحاضر، وتنتشر المطاعم التي تقدم الأكل المصري، وتقام الحفلات والسهرات الرمضانية.

في المعز وخان الخليلي والحسين، يقضي السوريون أجواء ممتعة، حيث الأجواء الروحانية في المساجد التاريخية، وصلاة التراويح في الباحات الواسعة، والإفطار على أنغام تواشيح النقشبندي.

علي الأسود (47 عاما) سوري مقيم في حي المعادي يقول، كنت كلما شعرت بالحنين لسوريا أذهب لشارع المعز لأنه يذكرني بالشام، والآن أحاول توديعه قبل أن أعود لبلادي، حاملا معي سنوات من الحب الذي قدمته لي هذه الشوارع عندما أشعر بالغربة.

كما تتميز الأماكن القديمة بوجود أسواق سياحية لشراء الهدايا والتذكارات الخاصة بمصر، مما يدفع السوريون العائدون إلى بلادهم  للتسوق هناك بعد الإفطار وشراء الهدايا للأهل والأصدقاء.

سهى غازي (36 عاما) سورية مقيمة في القاهرة تقول، ذهبت أكثر من مرة لشارع خان الخليلي لكي أشتري التذكارت والهدايا لعائلتي قبل أن أسافر، أشتريت مجسمات للأهرامات، وورق بردى، وفناجين يطبع عليها فراعنة.

تضيف سهى، كانت مصر دافئة وشعرنا بالأمان فيها لسنوات، والآن نقضي رمضاننا الأخير فيها، ونحاول أن نشبع من تفاصيلها التي أحببناها وتأقلمنا عليها.


تعليقات