يدعو سياسيون وحقوقيون إلى النزول إلى الساحات والميادين يوم الجمعة في مظاهرات للتنبيه لحكومة الدبيبة بشأن أي مخطط للتوطين.
تستمر ردود الفعل في ليبيا بالرفض لأي محاولة لتوطين المهاجرين غير الشرعيين في البلاد، مع التحذير من أي اتفاق قد يتم في السر لتمرير مشروع التوطين الذي يتفق معظم الأطراف على رفضه.
دعا ناشطون سياسيون وحقوقيون إلى التظاهر في الساحات والميادين يوم الجمعة لتحذير حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة من أي خطط للتوطين. وأكد خالد المشري، رئيس مجلس الدولة الاستشاري، رفضه القاطع لمحاولات توطين المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا، مشيراً في بيان له إلى أن “هذا يعتبر انتهاكاً للسيادة الوطنية ويشكل تهديداً ديموغرافياً للأمن القومي للبلاد.”
وأشار إلى أن “الأخبار المنتشرة حول نشاط بعض المنظمات الدولية في إطار ما يعرف ببرنامج الإدماج، الذي يهدف إلى توطين الآلاف من المهاجرين في ليبيا، تثير القلق في ظل صمت المؤسسات الحكومية”.
قال المشري إن “ليبيا تلتزم بالاتفاق المبرم مع المنظمة الدولية للهجرة في عام 2005، لكنها تحتفظ بحق مراجعة بنوده”، مشددًا على أن “أي لقاءات مع المنظمات الدولية ينبغي أن تتم من خلال حكومة موحدة وإستراتيجية وطنية شاملة”، مشيرًا إلى أن “الأوضاع الأمنية غير المستقرة تدفع بعض المهاجرين للدخول في أنشطة إجرامية، مما يزيد من المخاطر الأمنية والاجتماعية”، مؤكدًا أن “مسؤولية معالجة هذه القضية تقع على عاتق المجتمع الدولي بكامله وليس على ليبيا وحدها”.
تعبّر أوساط ليبية عن شكوكها في نوايا الدبيبة، الذي يسعى للحصول على الدعم الإقليمي والدولي لضمان استمراره في الحكم.
ترجع أسباب الأزمة إلى الاجتماع الذي عُقد يوم السبت الماضي بين وزير الحكم المحلي في حكومة الوحدة بدر الدين التومي ورئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا نيكوليتا جيوردانو، حيث تم مناقشة سبل تعزيز التعاون والشراكة بين الجانبين من خلال تنفيذ مشاريع تنموية مشتركة. وأكد التومي، وفقًا لبيان الوزارة، على أهمية الشراكة مع المنظمة الدولية للهجرة في ظل التحديات الحالية التي تواجهها البلاد، خاصة في مجالات الهجرة. وأشار إلى أن هذا الملف “حساس جدًا” ويؤثر على العديد من القطاعات.
وأشار الوزير إلى أن تعزيز التعاون مع المنظمة قد يساعد في تخفيف مخاوف الرأي العام بشأن قضية الهجرة، ويعزز قدرة البلديات على التعامل مع مشاكل المهاجرين. في حين عرضت جيوردانو أنشطة المنظمة في ليبيا خلال الفترات السابقة، مشددة على أهمية تنسيق الجهود بين المنظمة والوزارة في برنامج تقديم الدعم المباشر للمهاجرين والنازحين بالتعاون مع البلديات.
أعربت الأوساط الليبية عن شكوكها في نوايا الدبيبة الذي يسعى للحصول على الدعم الإقليمي والدولي لضمان استمراره في الحكم، حيث يقدم نفسه غالباً كأنه جاهز للتعاون مع شركائه الدوليين لحل القضايا المختلفة.
تقول المصادر إن الشارع في ليبيا أصبح معتادًا على بيانات النفي والتفنيد التي تصدر عن حكومة الدبيبة ردًا على بعض الأخبار أو التصريحات أو التسريبات التي تظهر فيما بعد أنها صحيحة. وقد عمدت الحكومة إلى تكذيب هذه المعلومات بهدف تهدئة الأوضاع والسيطرة على غضب الشارع.
وفقاً لوزير الداخلية الليبي عماد الطرابلسي، يوجد حاليا في ليبيا حوالي 2.5 مليون أجنبي، مما يعادل ثلث السكان الأصليين. وأوضح أن نسبة تتراوح بين 70 إلى 80 في المئة منهم دخلوا البلاد بصورة غير قانونية من خلال المناطق ذات المنافذ السهلة.
ألف الشارع الليبي البيانات التي تصدر من حكومة الدبيبة لنفي وتصحيح بعض الأخبار أو التصريحات أو التسريبات التي يتضح لاحقًا أنها صحيحة.
وحذّر الطرابلسي من جهود بعض المنظمات غير الحكومية الرامية إلى توطين المهاجرين غير النظاميين في ليبيا. وأوضح أن “بعض هذه المنظمات تستهدف تحويل ليبيا إلى بلد ثالث، مما يعني أنه بعد محاولة المهاجر للوصول إلى أوروبا وفشله في ذلك، يتم توطينه في ليبيا، ويتحمل بلدنا التكاليف الاجتماعية والسياسية.”
أعلن عضو مجلس النواب علي الصول رفضه لأي محاولة لتوطين المهاجرين في ليبيا، سواء كانت من أطراف محلية أو دولية. وفي تصريحات صحفية، ذكر أن “مجلس النواب سبق له أن أصدر عدة قوانين تمنع دخول المهاجرين غير القانونيين إلى ليبيا، فضلاً عن توطينهم في البلاد. ولا يمكن الاعتماد على تصريحات حكومة الدبيبة التي تنفي عزمها على توطين المهاجرين عبر اتفاقات مع أطراف دولية ومنظمة الهجرة الدولية.”
أضاف أن “على المواطنين أن يُظهروا رفضهم بشكل قوي من خلال الاحتجاجات والمظاهرات التي ترفض جميع محاولات التوطين، إذ سيحدث تغيير ديموغرافي كبير جداً إذا تم إقرار التوطين بشكل فعلي، وسيهيمن المهاجرون على سوق العمل، مما سيؤدي إلى معاناة المواطن الليبي العادي من الفقر والبطالة وغيرها من التداعيات السلبية الكبيرة نتيجة التوطين.”
وفقًا لمراقبين للشأن الليبي، فإن موضوع توطين المهاجرين قد تم مناقشته منذ أكثر من عامين. بعض الأطراف الغربية تؤيد فكرة توطين المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا نظرًا لمساحتها الكبيرة وثرواتها الطبيعية الضخمة وحاجتها إلى قوة العمل، بالإضافة إلى كونها وجهة جذابة للمهاجرين من دول إفريقيا وآسيا. ومع ذلك، تكمن المشكلة في الرفض القاطع من قبل المجتمع المحلي لمثل هذه الاقتراحات.
في شرق البلاد، أكد وزير الدولة لشؤون الهجرة غير الشرعية بالحكومة المعينة من مجلس النواب، فتحي التباوي، رفض ليبيا لتوطين المهاجرين أو تصنيفهم داخل البلاد، مع نفيه في الوقت نفسه حدوث أي سوء معاملة لهم. وأشار إلى أن المنظمة الدولية للهجرة هي المسؤولة عن ترحيل المهاجرين، حيث تستقبل العديد من المذكرات من الوزارة، وتقوم المنظمة بدورها بعمليات الترحيل بشكل طوعي.
أشار التباوي إلى أن ليبيا تُعد دولة جذب بالنسبة لدول الجوار، حيث يدخل المهاجرون إلى الأراضي الليبية عبر شبكات التهريب بحثًا عن تحسين أوضاعهم المعيشية. ولفت إلى أن بلاده شهدت تأثيرات سلبية نتيجة الأزمات السياسية في الدول المجاورة، والتي أثرت على الوضع في ليبيا ولا تزال تدفع ثمنها حتى الآن. ومن بين هذه التأثيرات، بقاء المهاجرين لفترات طويلة في ليبيا قبل التوجه إلى دول المقصد، مما أثر سلبًا على الأوضاع الاقتصادية والأمنية في البلاد.
شهدت منصات التواصل الاجتماعي حملة كبيرة لتأكيد أن “ليبيا تقتصر على الليبيين” ولا يمكن قبول إقامة المهاجرين غير الشرعيين على أراضيها.
أعرب ائتلاف القوى السياسية في ليبيا عن قلقه إزاء ما يتم تداوله بشأن توطين المهاجرين غير الشرعيين في البلاد تحت ذرائع مختلفة مثل حماية المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية. وأكد في بيان له على أهمية احترام سيادة الدولة، مشيراً إلى أن ليبيا دولة ذات سيادة يجب احترام خياراتها الوطنية واستقلالها، وأنه لا يمكن فرض برامج التوطين من الخارج. وشدد على ضرورة اتخاذ القرارات المناسبة لحماية البلاد، محذرًا من أن التوطين قد يؤدي إلى آثار سلبية على الأمن والاستقرار، مما سيزيد من تفاقم الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية في ليبيا.
اعتبر الائتلاف أن المساعدات الإنسانية الفعلية يجب أن تركز على تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين الليبيين وتعزيز الاستقرار في البلاد، بدلًا من استخدامها كمبرر لتوطين المهاجرين غير الشرعيين.
أعرب ممثلو شباب مصراتة عن رفضهم لتصريحات وزير الحكم المحلي في حكومة التطبيع حول توطين المهاجرين، مُطالبين بإقالته. وقد أشاروا في بيانٍ لهم إلى أنهم يتعرضون لعمليات سلب ونهب من قبل العصابات الأفريقية في الأحياء والمناطق.
عبّر شباب مصراتة عن استيائهم من صمت الدبيبة على تصريحات وزير الحكم المحلي المتعلقة بالتوطين، مطالبين بإقالته وفتح تحقيق حول اجتماعه مع منظمة الهجرة. كما دعوا إلى تنظيم مظاهرة كبيرة يوم الجمعة المقبل للضغط على الحكومة في هذا الموضوع.
يتوقع المراقبون أن تشهد عدة مدن ليبية يوم الجمعة المقبل مظاهرات تعبر عن رفض أي محاولة لتوطين اللاجئين غير الشرعيين، وذلك بسبب الحساسية الكبيرة التي يتعامل بها الليبيون مع هذا الموضوع. ويشيرون إلى أن أخطر قضية قد تهدد حكومة الدبيبة هي المتعلقة بالإمكانية المحتملة لتوطين المهاجرين.
شهدت منصات التواصل الاجتماعي حملة كبيرة للتأكيد على أن “ليبيا لليبيين” وأنه لا يُمكن قبول الإقامة غير الشرعية للمهاجرين على أراضيها.
نفت وزارة الحكم المحلي بحكومة الوحدة في بيانٍ لها ما وصفته بادعاءات غير صحيحة وردت في بعض التقارير الإعلامية، والتي تحدثت عن وجود مناقشة حول مشاريع مختلفة لتوطين المهاجرين خلال اجتماع الوزير بدرالدين التومي مع نيكوليتا جيوردانو، رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا.
أكدت الوزارة أن التعاون مع المنظمة يقتصر على تعزيز قدرات البلديات في تنظيم وإدارة النزوح الداخلي للمواطنين الليبيين بناءً على القوانين المعمول بها، وملتزمة بالسياسات العامة للدولة الليبية وموقف الحكومة الرافض لأي مشاريع لتوطين المهاجرين غير النظاميين في ليبيا تحت أي مسمى أو صيغة. وأشارت إلى أن أي تحريف لمحتوى الاجتماع يعد ادعاءً باطلاً يهدف إلى إثارة الفوضى وإرباك الرأي العام.
nooreddin
تعليقات
إرسال تعليق