مع سقوط نظام بشار الأسد المجرم بعد سنوات من القمع والدمار، تبرز تساؤلات حول مصير اللاجئين السوريين الذين لجؤوا إلى العديد من الدول الأوروبية هرباً من بطش النظام البائد.
اليونان، كونها إحدى المحطات الرئيسية في طريق اللجوء، تواجه تحديات متزايدة بشأن التعامل مع اللاجئين السوريين الذين يعيشون على أراضيها، فما مصير هؤلاء اللاجئين في ظل هذه التحولات السياسية الكبرى؟
الوضع الراهن للاجئين السوريين في اليونان
تستضيف اليونان عدداً كبيراً من اللاجئين السوريين الذين يُقدر عددهم بنحو 50,700 لاجئ، وفقاً لإحصائيات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حتى نهاية عام 2024.
هؤلاء اللاجئون يعيشون في مراكز إيواء تفتقر إلى الخدمات الأساسية، ويواجهون أوضاعاً صعبة وسط الضغوط المتزايدة على الحكومة اليونانية للتعامل مع أعداد المهاجرين المتزايدة.
في أواخر العام 2024، أعلنت الحكومة اليونانية تعليقاً مؤقتًا لدراسة طلبات اللجوء المقدمة من السوريين، بحجة ضرورة تقييم الوضع الأمني والسياسي في سوريا بعد سقوط النظام.
هذا القرار أثار قلق اللاجئين ومنظمات حقوق الإنسان التي حذرت من أن الظروف في سوريا ما تزال غير آمنة لعودة اللاجئين.
آلاء الحاج، وهي أم لأطفال، قالت لـ موقع تلفزيون سوريا: "في البداية، عانينا من نقص حاد من عدم وجود مترجمين في اليونان، وبعد ذلك جاء قرار تعليق كل الإجراءات الخاصة باللجوء عقب الأحداث الأخيرة في سوريا، ما أدى إلى غياب المواعيد الواضحة أو أي تقدم ملموس.
وتابعت: "نواجه هنا صعوبات كبيرة، أبرزها بُعد المخيم عن المدينة بنحو 40 كيلومتراً، وهو في منطقة جبلية، ومع دخول الشتاء، تفاقمت المعاناة، ورغم أننا تحدثنا سابقاً عن هذه المشكلات، لم نحصل على أي استجابة".
وأضافت آلاء أنّ "وضع المخيم سيئ جداً؛ الحشرات والظروف غير الصحية مزعجة يومياً، أما بالنسبة للأطفال، فالحياة هنا قاسية جداً، لا توجد مدارس مناسبة تمكنهم من تعلم لغة البلد بشكل صحيح، وهو ما يعيق تكيفهم وتعليمهم".
وتشير آلاء إلى أنّها تعلم أن هذه المنطقة مخصصة للعبور فقط، مردفةً: "لكن عدم وجود أي استقرار يرهقنا نفسياً وجسدياً ويؤثر بشدة على أطفالنا، لا توجد كلمات كافية لوصف هذه الحالة الصعبة التي نعيشها حالياً".
المخاوف المتعلقة بالعودة القسرية
رغم سقوط النظام المجرم، ما تزال سوريا تواجه تحديات كبيرة، من بينها الانفلات الأمني والنقص الحاد في الخدمات الأساسية.
المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أكّدت أنّ الظروف في سوريا ما تزال غير ملائمة لعودة اللاجئين، داعية الدول الأوروبية، بما فيها اليونان، إلى ضمان عدم إجبار اللاجئين على العودة قسراً.
وقد أفاد عقبة مهيدي، المقيم في أحد المخيمات البرية باليونان، لـ موقع "تلفزيون سوريا" قائلاً: "تعليق طلبات اللجوء في الاتحاد الأوروبي، خاصة في اليونان، كان بمثابة صدمة كبيرة لنا، كان لدينا موعد مرتقب في نهاية حزيران 2025، وكنا نترقب هذا الموعد بأمل، لكن، عند استفسارنا من مكتب الاستعلامات في المخيم، لم نحصل على أي تحديث يُذكر، ثم جاءت عطلة رأس السنة ولم يظهر أي تقدم بعد ذلك".
وتابع: "الوضع هنا في المخيمات مرهق جداً، سواء من الناحية النفسية أو المادية، خصوصاً للعائلات في فصل الشتاء.. المخيمات تفتقر إلى وسائل الراحة والخدمات الأساسية، فلا توجد رفاهية، ولا يوجد دخل شهري منتظم. الحياة التي كنا نأمل في بنائها تحولت إلى معاناة أكبر مما كنا نعيشه من قبل".
أما عن العودة إلى سوريا، قال "مهيدي" إنّها ليست خياراً مطروحاً حالياً، موضحاً: "الوضع هناك غير مستقر تماماً، البنية التحتية مدمرة، العقوبات الاقتصادية خانقة، ولا يوجد أي أفق يدعو للتفاؤل بشأن العودة في الوقت الراهن"
وأردف: "الحل الوحيد الذي يبقى أمامنا هو الانتظار، رغم صعوبته البالغة، فقد خرج الناس في جزيرة ساموس باعتصامات وامتنعوا عن استلام الطعام احتجاجاً، وهناك حديث الآن عن تنظيم احتجاجات مشابهة في مخيمنا.. نعيش على أمل اجتماع مرتقب للاتحاد الأوروبي لحسم مصير اللاجئين. الانتظار قاسٍ جداً، لكننا مضطرون للتمسك ببصيص الأمل هذا، إذ لا حلول أخرى متاحة حالياً".
المواقف الأوروبية تجاه اللاجئين السوريين
اليونان ليست الدولة الوحيدة التي اتخذت قرارات حذرة بشأن اللاجئين السوريين بعد سقوط النظام، فقد فعلت ألمانيا والنمسا والسويد ذلك، حيث علّقت دراسة طلبات اللجوء المقدمة من السوريين، مشيرة إلى الحاجة إلى تقييم شامل للأوضاع في سوريا قبل اتخاذ قرارات جديدة.
تعليقات
إرسال تعليق