هل تخطط "إسرائيل" لجعل شمال قبرص وطناً بديلاً لفلسطينيي غزة؟

هل تخطط "إسرائيل" لجعل شمال قبرص وطناً بديلاً لفلسطينيي غزة؟
هل تخطط "إسرائيل" لجعل شمال قبرص وطناً بديلاً لفلسطينيي غزة؟


 يبدو أن المخاطر التي تتهدد قبرص من تدفق اللاجئين قد تأتي من حيث لا تحتسب نيقوسيا. فقد وردت تقارير تفيد بإقدام شركات عقارية إسرائيلية على شراء عدد هائل من العقارات، لكن في منطقة شمال قبرص التي تعدّها نيقوسيا إقليماً متمرداً، ولا تعترف بها إلا تركيا.

يزور الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليديس لبنان للمرة الثانية في 2 أيار/مايو المقبل، ترافقه في هذه الزيارة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، مع أنباء عن أن الزيارة سيرافقها إعلان عن حزمة مالية من الاتحاد الأوروبي لمساعدة لبنان في ما يتعلق بقضية النازحين السوريين، وذلك بهدف منع انتقالهم بطريقة غير شرعية بحراً إلى الجزيرة التي لا تبعد كثيراً عن السواحل اللبنانية. وتأتي هذه الزيارة في إطار التحضير للمؤتمر الذي سيعقد في بروكسل أواخر شهر أيار/ مايو. 

مغزى زيارات الرئيس القبرصي إلى بيروت 

الجدير ذكره أن هذه الزيارة ستأتي بعد سلسلة زيارات قام بها الرئيس القبرصي إلى بيروت؛ لبحث موضوع اللاجئين السوريين، وسبل منعهم من التسلل إلى قبرص، ما يعكس مخاوف متزايدة من جانب السلطات القبرصية من تصاعد النزاع بين لبنان والكيان الإسرائيلي وتحوّله إلى حرب مفتوحة يمكن أن يدفع بمئات آلاف اللاجئين السوريين، واللاجئين الفلسطينيين، وحتى المواطنين اللبنانيين إلى الهرب باتجاه قبرص، والعبور منها إلى دول الاتحاد الأوروبي. 

كذلك، فإن زيارات الرئيس القبرصي إلى بيروت تعكس عدم اطمئنانه إلى الدور الذي يلعبه الاتحاد الأوروبي في الصراعات الشرق أوسطية، خصوصاً أن بروكسل لا تقوم بما فيه الكفاية لطمأنه قبرص من أن الصراعات في المنطقة لن تدفع بمئات الآلاف من اللاجئين من الانطلاق من السواحل اللبنانية إلى قبرص، بما يهدد الأمن والاستقرار فيها، خصوصاً أن عدد سكانها لا يتجاوز مليوناً وربع مليون نسمة موزعين على مساحة تبلغ 9 آلاف كيلومتر مربع. 

وقد أعرب الرئيس القبرصي في مقابلة مع شبكة الإعلام الألمانية عن عدم رضاه عن التزامات الاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط، وأنه يجب فعل المزيد ولعب دور قيادي وجيوسياسي أفضل بما يجعل الاتحاد قادراً على التعامل مع أكثر من أزمة في الوقت عينه. وأكد أن لأزمات الشرق الأوسط عواقب على الأمن الأوروبي، خصوصاً تلك المرتبطة بالهجرة غير الشرعية في ظل الأعداد المتزايدة من القوارب التي تقل المهاجرين السوريين من لبنان إلى قبرص. وأوضح أن بلاده لم تعد في وضع يسمح لها باستقبال المزيد من اللاجئين، ولهذا فهي طلبت مساعدة الاتحاد الأوروبي في قضية تعدّ مسألة أمن قومي بالنسبة إلى نيقوسيا.

مخاوف قبرصية مرتبطة بالحرب في المنطقة!

تكثيف الرئيس القبرصي زياراته إلى لبنان قد لا يكون مرتبطاً فقط بما تعدّه قبرص مخاطر أمنية ناجمة عن تدفق اللاجئين إليها، بل قد يكون مرتبطاً بمخاوف وتقديرات من احتمال توسع الصراع الدائر بين قوات الاحتلال الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية من جهة أخرى.

فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يزال يعلن أنه ينوي شن هجوم على رفح يتوقع المراقبون أن يؤدي هذا الهجوم إلى استشهاد وجرح عشرات الآلاف من الفلسطينيين.

لكن هذا قد لا يقف عند حدود غزة إذا ما نفذ القادة الصهاينة وعيدهم بتوسيع دائرة الصراع مع لبنان بغية التخلص من التهديد الذي يمثله حزب الله للكيان الصهيوني من جهة، وخنق المقاومة الفلسطينية عبر القضاء على المقاومة اللبنانية التي تمثل الرئة التي تتنفس منها المقاومة الفلسطينية. 

وحتى إذا كان ما تم ذكره آنفاً يبقى في باب التقديرات، فإن الرئيس القبرصي قد يكون يمتلك معلومات حول هذا الشأن بحكم العلاقة الأمنية الوثيقة التي تربط بلاده بـ "إسرائيل". وبالتالي، فإن مراقبة حركة الرئيس القبرصي قد تفيد بإعطاء مؤشرات بخصوص المسارات المحتملة للأزمة في فلسطين والمنطقة. والجدير ذكره أن قبرص أصبحت معنية أكثر بالصراع الدائر في غزة منذ طرحت الولايات المتحدة مشروع المرفأ العائم لتزويد القطاع بالمساعدات الإنسانية.

فوفقاً لهذا المشروع، فإن المساعدات يجب أن تجمع في قبرص قبل أن تنتقل إلى هذا المرفأ العائم. وقد أعلنت "تل أبيب" عن ترحيبها بهذا المشروع؛ لأنه يضمن لها مراقبة كل ما يصل إلى غزة انطلاقاً من قبرص. هذا يعزز فرضية أن تكون لدى السلطات القبرصية معلومات خاصة حول مآلات الصراع في غزة. 


تعليقات