"اذهب وانظر".. البرلمان الهولندي يمنح السوريين الضوء الأخضر لزيارة وطنهم

"اذهب وانظر".. البرلمان الهولندي يمنح السوريين الضوء الأخضر لزيارة وطنهم
"اذهب وانظر".. البرلمان الهولندي يمنح السوريين الضوء الأخضر لزيارة وطنهم


 وافق البرلمان الهولندي على اقتراح بعض الأحزاب بالسماح للاجئين السوريين في البلاد بزيارة وطنهم الأم، واستكشاف ما إذا كان قد بات آمناً بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

ويأتي ذلك في وقتٍ تواصل فيه الحكومة اليمينية الهولندية مساعيها لإرسال طالبي اللجوء المرفوضين إلى أوغندا، من دون مراعاة اتفاقيات حقوق الإنسان التي تمنع ذلك.

وبحسب ما ذكرت صحيفة "دا تيلغراف" الهولندية، فإن البرلمان الهولندي وافق قبل أيام بالأغلبية على اقتراح مقدَّم من حزبي "العمل - اليسار الأخضر" و"الاتحاد المسيحي"، يسمح للسوريين بالسفر إلى وطنهم للتحقق بأنفسهم مما إذا كانت منازلهم لا تزال قائمة، حتى يتمكنوا من اتخاذ القرار بأنفسهم بشأن مدى أمان البلاد لعودتهم.

وتقترح الخطة ما يُعرف بترتيب "الذهاب والنظر"، حيث يُمنح أحد أفراد الأسرة السورية الفرصة لتقييم ما إذا كانت العودة الطوعية ممكنة بعد زيارة البلد الأصلي، من دون إلغاء إجراءات اللجوء.

وتستند الأحزاب في مقترحاتها إلى مخطط تم تطبيقه بالفعل في تركيا ودول أخرى.

وبعد سقوط نظام الأسد، قررت الحكومة وقف معالجة طلبات اللجوء من سوريا. ومع ذلك، تشير الأرقام الأخيرة إلى أن عدد طالبي اللجوء السوريين استمر في الارتفاع، وأن عشرين سورياً فقط عادوا طوعاً منذ الخريف. وسوف تقدم وزيرة اللجوء أرقاماً جديدة قريباً.

علاوة على ذلك، فإن الوزيرة فابر حذرة للغاية بشأن ترتيب "اذهب وشاهد بنفسك".

انقسام سياسي

وتسبَّب المقترح بانقسام داخل الائتلاف اليميني الحاكم. إذ لا ترى أحزاب الائتلاف الحاكم، "الحرية"، و"الشعب"، و"الفلاحين"، أي فائدة في الخطة. وتقول النائبة عن حزب "الحرية"، مارينا فوندلينغ: "آمل ألّا تدعم الوزيرة هذا الهراء".

من جانبه، يدعم حزب "عقد اجتماعي جديد"، المشارك في الائتلاف الحاكم، الخطة.

ويأتي ذلك وسط استمرار الجدل حول عودة السوريين منذ سقوط نظام الأسد، حيث أنشأت الوزارة برنامجاً للعودة للأشخاص الذين يرغبون في مغادرة البلاد طوعياً، ومنحهم 900 يورو نقداً.

وتعمل وزيرة اللجوء فابر أيضاً على "العودة القسرية"، لكنها تنتظر تقريراً رسمياً من وزارة الخارجية لإظهار أن البلاد آمنة بالفعل بما يكفي للعودة.

وتعود الرسالة الأخيرة إلى أكثر من عام مضى، عندما كان الوضع في البلاد لا يزال مختلفاً تماماً. ومن المتوقع أن يصدر التقرير الرسمي الأخير في شهر أيار هذا العام.

وعلّق رئيس حزب "الحرية" اليميني المتطرف على تعليق الاتحاد الأوروبي لبعض العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، وكتب عبر صفحته على منصة فيسبوك: "رائع! إذاً يمكننا إعادة السوريين بسرعة".

خطة لترحيل "المرفوضين" إلى أوغندا

وفي الأثناء، تواصل الحكومة اليمينية مساعيها لإرسال طالبي اللجوء "المرفوضين" إلى أوغندا، من دون مراعاة حقوق الإنسان التي تمنع ذلك.

وأكدت الوزارات المعنية ذلك، رداً على تقارير نشرتها صحيفة "نيدرلاندس داخبلاد"، وفق ما ذكرت شبكة "إن أو إس".

وأثارت خطة وزيري حزب "الحرية"، وزيرة التجارة الخارجية والمساعدات الإنمائية، رينيت كليفر، ووزيرة الهجرة واللجوء، مارولين فابر، ضجة كبيرة.

ووفقاً للقواعد الأوروبية، لا يجوز للدول إرسال طالبي اللجوء إلى دولة أجنبية من دون موافقتهم. كما أن أوغندا لديها حالياً واحد من أكثر القوانين صرامة ضد المثليين والمتحولين جنسياً في العالم.

ومن خلال هذه الخطة، تسعى وزارة الخارجية إلى منع اختفاء طالبي اللجوء عن الأنظار.


مناقشات سرية

وتقول وزارة الهجرة واللجوء: "بدون سياسة ترحيل فعالة، يختار بعض طالبي اللجوء المرفوضين البقاء في وضع غير قانوني".

أما الهدف الآخر، فهو جعل الأمر أقل جاذبية للمهاجرين القادمين من البلدان الآمنة إلى هولندا، بلا أوراق صالحة.

وكانت كليفر قد ذكرت هذه الخطة للمرة الأولى في تشرين الأول الماضي، في أثناء زيارة عمل إلى أوغندا.

ومن اللافت للنظر أن وزير الخارجية الأوغندي صرّح لاحقاً لوسائل الإعلام بأنه لم يكن على علم بهذه الخطة.

وبحسب الوزيرة كليفر، لم يعد الأمر كذلك، إذ قالت: "في الأشهر الأخيرة، سافر المبعوث الخاص للهجرة إلى أوغندا لمناقشة المزيد من تطوير الفكرة. وتجري هذه المناقشات في سرية تامة".


آلاف السوريين ينتظرون بقلق

وينتظر آلاف طالبي اللجوء السوريين حالياً في مراكز الإيواء، وسط خوف وقلق، بعد أن علّقت وزيرة الهجرة واللجوء إجراءات اللجوء بانتظار تقرير وزارة الخارجية الهولندية السنوي، الذي يتناول الوضع الأمني في سوريا.

وفي حال قيّمت وزارة الخارجية الهولندية أن سوريا أصبحت آمنة، فسيتم رفض منح طالبي اللجوء السوريين حق اللجوء في هولندا، وبالتالي سيصبحون "مرفوضين"، وقد يواجهون الترحيل إلى أوغندا، في حال نجحت الحكومة الهولندية اليمينية في مساعيها، ولم يكن لدى طالبي اللجوء أسباب شخصية تبرر منحهم تصاريح الإقامة.


ويعاني طالبو اللجوء، الذين يشكل السوريون معظمهم، في مراكز الإيواء من ظروف نفسية واقتصادية صعبة، حيث لا يُسمح لمعظمهم بالعمل، ويعيشون حالة من فقدان الأمل.

ويرفض معظم اللاجئين وطالبي اللجوء السوريين العودة حالياً، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة الناتجة عن العقوبات الأمريكية والغربية، التي تحول دون إعادة إعمار البلاد وتعافي الاقتصاد، الذي استُنزف على مدار سنوات الحرب.

كما أن كثيرا من طالبي اللجوء لا يمتلكون منازل يعودون إليها، بعد أن دمّر النظام المخلوع، على مدار 14 عاماً، كثيرا من المدن السورية التي ثارت ضد حكمه.


تعليقات