انتقادات واسعة لولاية ألمانية أرسلت خطابات للسوريين تحثهم على العودة إلى بلادهم

انتقادات واسعة لولاية ألمانية أرسلت خطابات للسوريين تحثهم على العودة إلى بلادهم
انتقادات واسعة لولاية ألمانية أرسلت خطابات للسوريين تحثهم على العودة إلى بلادهم


 في خطوة أثارت انتقادات واسعة، أرسلت سلطات الهجرة في مدينتي روستوك وشفيرين بولاية ميكلنبورغ-فوربومرن شمالي ألمانيا، خطابات إلى السوريين بمن فيهم أصحاب تصاريح العمل، تحثّهم على العودة الطوعية إلى بلادهم، مستندةً إلى برامج حكومية تقدم دعماً مالياً.

ورغم أن الوضع في سوريا ما يزال غير مستقر بعد سقوط نظام الأسد في 8 من كانون الأول 2024، فإن دوائر الهجرة في مدينتي روستوك وشفيرين ترى أن هناك "إمكانيات للعودة إلى الوطن". بحسب قناة شمال ألمانيا (NDR).

وفي رسائل مختلفة، تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، تُشير السلطات إلى أن هناك برامج حكومية تقدم دعماً مالياً ومساعدات للراغبين في العودة الطوعية إلى سوريا، لكن هذا الدعم لا يُقدم إلا بناءً على طلب رسمي.

ما محتوى الخطابات؟

ويبدو أن سلطات الهجرة لم تنتظر تلقي طلبات من السوريين، بل بادرت إلى التواصل المباشر معهم دون استفسار مسبق. ففي خطاب صادر عن مكتب الهجرة في روستوك، جاء فيه: "نحن نتفهم أن قرار العودة إلى سوريا يُشكّل تحدياً شخصياً كبيراً بالنسبة لك، ولذلك، نود أن نعلمك بأننا مستعدون لدعمك إذا كنت ترغب في العودة الطوعية إلى وطنك"

وأضاف الخطاب أن "الحكومة الجديدة بعد سقوط نظام الأسد في سوريا تعمل على إعادة ترتيب الأوضاع لخدمة المواطنين الذين تعرضوا للقمع سابقاً".

ووفقاً لقناة (NDR) فإن "البلديات نفذت تعليمات وزارة الداخلية في شفيرين، التي يقودها الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD)، حيث طلبت دائرة قانون اللجوء والإقامة من سلطات الهجرة عبر البريد الإلكتروني "إبلاغ السوريين الذين يقعون ضمن نطاق اختصاصهم بشكل فعال عن فرص الدعم المتاحة للعودة الطوعية".

وأرفقت الوزارة نموذج خطاب موحد استخدمته مكاتب الهجرة في روستوك وشفيرين، كما جاء في رسالة البريد الإلكتروني للوزارة أيضاً أنه ”في المرحلة الأولية، قد يكون من المناسب التركيز على التواصل مع السوريين الملزمين بمغادرة البلاد".

انتقادات حادة وتحذيرات من تأثيرات سلبية

من جهته، أعرب مجلس اللاجئين في ولاية مكلنبورغ-فوربومرن رفضه لهذه الخطوة، واصفاً إياها بأنها "غير مناسبة إطلاقاً"، خاصة أن الخطابات أرسلت أيضاً إلى سوريين لديهم تصاريح إقامة وعمل، بمن فيهم الأطباء.

وحذّرت رئيسة المجلس أولريكه زيمان-كاتس، من أن مثل هذه الخطابات تُثير قلقاً كبيراً بين السوريين، خاصة في ظل تصاعد الخطاب المعادي للهجرة واللاجئين، مما قد يدفع المتضررين إلى التساؤل ما إذا كانت هذه الخطوة مقدمة لترحيل قسري في المستقبل.

إقبال ضعيف على العودة الطوعية

ويرى منتقدو هذه الخطوة أنه كان من الأفضل إبلاغ مراكز الاستشارة بدلاً من إرسال خطابات مباشرة إلى جميع السوريين. فبحسب المعطيات، فإن رغبة السوريين في العودة الطوعية إلى بلادهم منخفضة جداً.

وأعربت وزيرة الدولة شؤون الهجرة واللاجئين والاندماج، وعضو البرلمان الألماني عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، ريم العبدلي-رادوفان، عن انتقادها للدعوات المتزايدة لإعادة السوريين بسرعة إلى وطنهم.

وفي تصريح لها بعد لقاء مع سوريين في مقر المستشارية الاتحادية في كانون الأول الماضي، أكدت أن الوضع في سوريا ما يزال غير مستقر على الإطلاق. كما شددت على أن ألمانيا ما تزال تقف إلى جانب السوريين الذين فروا إليها بحثاً عن الأمان.

رئيسة بلدية روستوك غير راضية بالخطابات

وبحسب (NDR)، فإن رئيسة بلدية روستوك، إيفا-ماريا كروغر (من حزب اليسار)، لم تكن على علم بهذه الخطابات الصادرة عن مكتب الهجرة في مدينتها. والمفاجئ أن هذا المكتب كان قبل عام تقريباً قد أعاد تسمية الإدارة التي تحمل اسم "إدارة إعادة التوطين" إلى "إدارة العودة والمغادرة"، بعد موجة احتجاجات واسعة.

وأوضحت كروغر أنها تتفهم الانتقادات الموجهة إلى هذه الخطابات، مشددة على أن الوضع في سوريا ما يزال غير مستقر، وأن العديد من السوريين في ألمانيا يشعرون بعدم الأمان بسبب تصاعد المشاعر العدائية تجاههم.

وداخلياً، يُقال إن كروغر لم تكن راضية على الإطلاق عن محتوى الخطابات، وأوضحت في ردّها على استفسارات بشأنه، أنها "تتفهم سبب الانتقادات الموجهة إلى هذه الخطابات، فالواقع السياسي في سوريا ما يزال غير مستقر، بل غير واضح تماماً". 

وقالت إنها "تسمع خلال لقاءاتها مع السوريين، عن اشتياقهم لوطنهم، ولكن أيضاً عن مخاوفهم وشعورهم بعدم الأمان بسبب تصاعد مشاعر العداء ضدهم في ألمانيا". مضيفةً أن "مثل هذه الخطابات قد تُفسر بشكل خاطئ على أنها دعوة للترحيل، خصوصاً عندما يشعر البعض بأنهم لم يعودوا مرحباً بهم في ألمانيا".

ومع ذلك، طالبت ألا تُعتبر الخطابات أنها دعوة لرفض الناس. وأوضحت كروغر: "نحن نريد في روستوك أن نرعى ثقافة الترحيب ونعزز العيش المشترك بسلام". لكنها أيضاً تأمل في تفهم الموقف الصعب الذي تواجهه إدارتها.

وقالت إن "بعض الأشخاص يطالبون بتشديد قوانين الهجرة، في حين يدعو آخرون إلى تحسين الاندماج وزيادة التعاطف مع اللاجئين، وفي وسط هذه التحديات، يعمل موظفو الإدارة المحلية يومياً على مواجهة زيادة العبء الوظيفي والضغوط الاجتماعية من مختلف الاتجاهات".

مدينة شفيرين تستهدف طالبي اللجوء

من جانبها، أوضحت بلدية شفيرين أنها أرسلت خطابات إلى 59 طالب لجوء سوري يقيمون في مراكز الإيواء الجماعي من الذين ما يزالون في مرحلة إجراءات اللجوء، دون توضيح سبب عدم استهداف فقط السوريين الملزمين قانونياً بمغادرة البلاد، كما أوصت وزارة الداخلية.

بدوره، برر وزير الداخلية كريستيان بيغل (من الحزب الاشتراكي الديمقراطي) أن الهدف الأساسي هو تشجيع السوريين المطلوب منهم مغادرة ألمانيا على القيام بذلك طوعياً، باعتبار أن ذلك أقل تعقيداً وأقل كلفة من الترحيل القسري


تعليقات