قال عضو مجلس السيادة السوداني، نائب القائد العام للجيش شمس الدين الكباشي، أنه سيقود المعارك في ولايات كردفان ودارفور، ابتداء من الأسبوع المقبل.
يأتي ذلك بالتزامن مع معارك حامية تشهدها ولايات كردفان، بين قوات الجيش السوداني والقوة المشتركة للحركات المسلحة المساندة له من جهة، وقوات الدعم السريع وقوات الحركة الشعبية جناح عبد العزيز الحلو ومجموعات أخرى موالية لها من جهة أخرى.
وتصدت قوات الجيش، الجمعة لهجوم نفذته قوات الدعم السريع على مدينة بابنوسة في ولاية غرب كردفان، بالتزامن تقدمت قواته نحو تخوم الخوي.
وفي 3 آيار/مايو الماضي، اجتاحت قوات الدعم السريع مدينة الخوي، ما أسفر مقتل واستهداف العشرات من الأهالي. بعدها بإسبوع استعاد الجيش المدينة، التي سرعان ما سقطت مرة أخرى في يد قوات الدعم السريع، فيما ما تزال المعارك تحتدم حولها.
وتبعد مدينة الخوي بولاية غرب كردفان نحو 100 كيلومتر عن مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان، والتي ظلت محاصرة لأشهر، وتمثل امتدادا لممر إمداد الدعم السريع من إقليم دارفور عبر ولايات كردفان وولايات الوسط الأخرى، وصولا إلى العاصمة الخرطوم.
وفي ظل المعارك المتصاعدة في مدينة الخوي، تواصل عشرات الأسر النزوح إلى مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان.
وبينما تعرقل معارك ولايات كردفان، وصول قوات الجيش إلى إقليم دارفور، حذرت لجان مقاومة مدينة الفاشر من خطورة الأوضاع، وتداعيات تأخر وصول الإمداد العسكري للمدينة المنهكة بالحصار.
واتهمت الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، قوات الدعم السريع باستهداف الأسر الفارة من المدينة التي تشهد معارك محتدمة والاعتداء على النساء ونهب الممتلكات. واشارت منظمة أطباء بلا حدود إلى مخاوف من تكرار المجازر ذات الدوافع العرقية التي شهدها إقليم غرب دارفور.
وقالت لجان مقاومة الفاشر “إن فك الحصار عن مدينة الفاشر لم يعد مطلباً إنسانيا فحسب بل تحوّل إلى ضرورة سياسية وأمنية ووطنية عاجلة. وأن كل المؤشرات على الأرض تقول لا هدنة ولا ممرات إنسانية ولا نوايا حقيقية لإنهاء المعاناة”.
وأشارت إلى أن الدعم السريع أوصدت كل أبواب التفاوض ورفضت حتى مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بحجج واهية لا تصمد أمام الواقع أبرزها أن المدينة لم تعد مأهولة بالمدنيين، محذرة من أن هذه الادعاءات غير حقيقية.
ولفتت إلى أن عشرات الآلاف من الأبرياء عالقون تحت الحصار، يعانون من نقص في الغذاء والدواء وسط “صمت رسمي لا يليق بدولة يُفترض أن تحمي شعبها”.
وشددت على أن رد الحكومة يجب أن يكون حاسماً، منوهة إلى أن الوضع في المدينة لا يحتمل المراوغة بعد أن فشلت كل الحلول السلمية.
وحذرت من أن الوقت لم يعد في صالح أحد، مضيفة: “آن الأوان لأن تتحرك الدولة بما تبقى لها من قوة وشرعية وتخوض معركتها الحقيقية، معركة استعادة السيادة وحماية المدنيين بتدخل عسكري منظم”.
وفي ظل الوضع المعقد في المدينة، قالت لجان مقاومة الفاشر إن الخيار العسكري هو الوحيد المتبقي ليس فقط لإنقاذ الفاشر بل لإنقاذ ما تبقى من الدولة السودانية.
وتواجه الفاشر حصارا محكما من قوات الدعم السريع، التي تسعى لإسقاط المدينة التي تعد آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور، وإعلان حكومة موازية من هناك، وسط تحذيرات من أن الخطوة تمهد إلى تقسيم البلاد.
واعتبرت لجان المقاومة، تأخر فك الحصار عن المدينة “عجز من السلطة عن حماية مدينة كبرى بحجم الفاشر” مضيفة: “عندما تتركها للميليشيا، فإنها بذلك تتخلى طوعاً عن أحد أعمدة بقاء الدولة السودانية”.
وتابعت: “إن السودان بكل هشاشته لا يحتمل سقوطاً آخر ولا مزيداً من الانهيارات الرمزية ولا الجغرافية” لافتة إلى أن الفاشر ليست مجرد محطة استنزاف عسكري وإنما هي خط الدفاع الأخير عن وحدة البلاد وعن فكرة الدولة وعن ما تبقى من الأمل في مشروع وطني جامع.
ويتخوف المراقبون من حدوث أحداث دامية، حال اجتياح الدعم السريع الفاشر، حيث يتمسك أهالي المدينة بالبقاء، بينما تهدد قوات “حميدتي” باجتياحها. وما تزال متحركات الجيش مشغولة بالمعارك في ولايات كردفان، في محاولة لفتح الطريق نحو الفاشر.
وتتسارع الأحداث في مدينة الفاشر، وسط مخاوف وتحذيرات من فظائع جماعية وشيكة ودعوات لوقف العنف والحصار في ظل المعاناة المتفاقمة لعشرات الآلاف من المدنيين المحاصرين.
وفي السياق أعربت منظمة أطباء بلا حدود عن قلقها العميق إزاء التهديدات بشن هجوم شامل على الفاشر، من قبل قوات الدعم السريع، محذرة من تكرار الفظائع الجماعية التي شهدتها مناطق أخرى في السودان.
وأشارت إلى مخاوف من تكرار المجازر ذات الدوافع العرقية التي شهدها إقليم غرب دارفور عام 2023، مطالبة بوضع حد فوري لهذا العنف.
وفي تقرير صدر الخميس الماضي بعنوان: “محاصَرون وجوعى تحت وطأة الهجمات: فظائع جماعية في الفاشر وزمزم بالسودان”، أكدت المنظمة أن المدنيين يتحملون العبء الأكبر منذ بداية حصار الفاشر في أيار/مايو 2024، مشيرة إلى نمط ممنهج من العنف يشمل القتل الجماعي، العنف الجنسي، التجويع، والنهب، إلى جانب الهجمات على الأسواق والمرافق الصحية.
وكشف التقرير أن قوات الدعم السريع وحلفاءها شنوا في نيسان/ابريل الماضي هجومًا بريًا واسعًا على معسكر زمزم للنازحين، ما أدى إلى نزوح نحو 400 ألف شخص خلال أقل من ثلاثة أسابيع، وتفاقم الأزمة الإنسانية داخل الفاشر المحاصرة.
وأشارت المنظمة إلى تلقيها تقارير تفيد بأن عناصر من الدعم السريع تحدثوا عن نواياهم “تطهير الفاشر من غير العرب”، في ظل استمرار الحصار الذي تسبب في شلل كامل للأنشطة الإنسانية، وانقطاع الغذاء والمياه والرعاية الطبية.
وقالت إنها أُجبرت على تعليق أنشطتها الطبية في الفاشر منذ آب/اغسطس 2024، وفي زمزم منذ شباط/فبراير 2025، بسبب الهجمات المتكررة على المرافق الصحية، التي تعرضت لأكثر من سبع هجمات خلال آيار/مايو الماضي وحده.
ودعت جميع أطراف النزاع لاحترام القانون الدولي الإنساني، وتسهيل مرور آمن للمدنيين، ووقف جميع أشكال العنف العرقي فورًا.
تعليقات
إرسال تعليق