فتحت السلطات القضائية اليونانية تحقيقاً جنائياً بحق 17 عنصراً من خفر السواحل على خلفية واحدة من أسوأ كوارث الهجرة في البحر المتوسط في العقد الأخير، والتي أدت إلى وفاة عشرات المهاجرين، بمن فيهم سوريون.
تتعلق التهم بحادث غرق سفينة الصيد "أدريانا" قبالة سواحل بيلوس في 14 حزيران 2023. كانت السفينة تحاول الإبحار من ليبيا إلى إيطاليا وعلى متنها نحو 750 شخصاً، لم ينجُ منهم سوى 104، بينما يُعتقد أن حوالي 650 شخصاً، بينهم نساء وأطفال، لقوا حتفهم.
تفاصيل الاتهامات وشهادات الناجين
يتهم الادعاء العام في بيرايوس قبطان سفينة خفر السواحل LS-920 بالتسبب في غرق المركب، بالإضافة إلى "عدم تقديم المساعدة" و"التدخل الخطير في النقل البحري"، بينما وُجّهت لأفراد الطاقم الآخرين تهم بالتواطؤ. كما شملت التهم مسؤولين كباراً، منهم الرئيس السابق لخفر السواحل، بتهمة تعريض الأرواح للخطر.
روايات الناجين
نقل ناجون، بينهم سوريون، أن خفر السواحل تسببوا في انقلاب المركب أثناء محاولة سحبه بحبل، ثم طالبوا الشهود بالصمت. روى اللاجئان السوريان، أحمد ومصعب (اسمان مستعاران)، أن كلاً منهما دفع 4500 دولار للعبور عبر القارب الذي غرق، وفقد أحمد شقيقه الأصغر في الحادث.
اتهم مصعب خفر السواحل اليوناني بالتسبب في غرق القارب، مشيراً إلى أنهم سحبوه بحبل بطريقة أدت إلى انقلابه ثم واصلوا جره لمسافة طويلة. وأكد أن السلطات طالبت الناجين بالصمت فور وصولهم إلى ميناء كالاماتا. أضاف أحمد أن المحققين أمروا المترجم بإسكات من يتحدث عن تورط خفر السواحل، مرددين: "نجوت من الموت، لا تتحدث عن الحادث".
ردود الفعل والتوقعات
عقب بدء المحاكمة، أعرب أحمد عن شعوره بالارتياح لتوجيه التهم للمسؤولين، لكنه أضاف: "لن أصدق أنهم سيُحاسبون فعلاً حتى أراهم في السجن"، مشككاً في نزاهة النظام القضائي اليوناني. في المقابل، رحّب الفريق القانوني للضحايا بالخطوة، معتبراً أنها "تطور جوهري نحو العدالة"، ومن المنتظر استجواب المتهمين خلال الأسابيع المقبلة تمهيداً لاتخاذ قرار بشأن إحالتهم إلى المحاكمة.
موقف السلطات اليونانية وانتقادات حقوق الإنسان
تنفي السلطات اليونانية تورط عناصرها، وتؤكد أنها أنقذت أكثر من 250 ألف شخص في البحر خلال السنوات العشر الماضية. ومع ذلك، تواجه اليونان انتقادات من منظمات حقوق الإنسان لاستخدامها القوة في عمليات "الإبعاد القسري" للمهاجرين عبر بحر إيجه، مما أدى إلى وفاة العديد منهم وحرمانهم من حقهم في طلب اللجوء. تشير منظمة "ABR" النرويجية إلى أن اليونان نفذت 57 عملية إبعاد غير قانونية في بحر إيجه حتى أبريل 2023، حرمت أكثر من 58,000 شخص من حق اللجوء خلال السنوات الثلاث الماضية. كما كشف تقرير لمكتب الحقوق الأساسية أن وكالة الحدود الأوروبية "فرونتكس" ساعدت خفر السواحل اليوناني في تنفيذ عمليات إبعاد قسري وغير قانوني للمهاجرين ثم غطّت على هذه العمليات في تقاريرها.
تعليقات
إرسال تعليق