قال وزير الدولة للبحث والابتكار والسياسة الرقمية في قبرص نيكوذيموس ذاميانوس في كلمته في قمة الأجندة الرقمية في نيقوسيا، إن قبرص تسعى إلى ترسيخ مكانتها كمركز لا يقتصر على التكنولوجيا فحسب، بل أيضاً على الابتكار وتنمية المهارات ونقل المعرفة، مستفيدة من زخم قطاع التكنولوجيا وقوة الاقتصاد والموقع الجيوسياسي المتميز لها.
أوضح ذاميانوس أن منظومة البحث والابتكار في قبرص شهدت نمواً ملحوظاً، حيث ارتقت هذا العام مركزين في مؤشر الابتكار العالمي لتحتل المرتبة الخامسة والعشرين عالمياً، مع وجود عدد من الشركات الناشئة يفوق ستة أضعاف ما كان عليه عام 2020، بمعدل يقارب 100 شركة ناشئة جديدة سنوياً. كما حصلت قبرص على الجائزة الأولى من المفوضية الأوروبية في جوائز الربط الرقمي لعام 2025، تقديراً لمشروعها الوطني لتوفير الاتصال بالإنترنت فائق السرعة في المناطق الريفية، مما يغطي 100% من السكان بخدمة غيغوات السريعة.
أشار ذاميانوس إلى أن وتيرة التغيير العالمي تدفع الحكومات إلى التفكير في التكنولوجيا ضمن جميع سياساتها واستراتيجياتها، موضحاً أن "القوة الرقمية الوطنية لم تعد تقتصر على القوة العسكرية، بل أصبحت سباقاً على أشباه المُوصلات والطاقة والمعادن النادرة الضرورية للتصنيع، مما أدى إلى تنافس عالمي على استثمارات الذكاء الاصطناعي.
وفي مقارنة بين القوى الكبرى، ذكر مشروع "ستارغيت" الذي أطلقته الولايات المتحدة، والذي يهدف إلى إنشاء قدرة تبلغ 10 غيغاوات من مراكز البيانات بحلول عام 2029 باستثمار يبلغ 500 مليار دولار، مشيراً إلى أن الصين تسير في اتجاه مماثل بتمويل حكومي، في حين يعتمد التمويل الأمريكي على القطاع الخاص. كما أوضح أن الاتحاد الأوروبي يخطط لإنشاء خمس أو ست "مصانع ضخمة للذكاء الاصطناعي"، لكنه ما زال يبحث عن سبل لجذب الاستثمارات الخاصة لضمان استدامة هذا النمو.
أضاف أن الاتحاد الأوروبي يواجه تحدياً في الحفاظ على الكفاءات، إذ رغم امتلاكه عدداً أكبر من الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي بنسبة 30% مقارنة بالولايات المتحدة، إلا أنه يعاني من هجرة الأدمغة، كما أن 8% فقط من الشركات الأوروبية الناشئة تتحول إلى شركات عالمية داخل القارة. وأشار إلى أن المفوضية الأوروبية تعمل على معالجة هذا التحدي من خلال استراتيجية جديدة لدعم الشركات الناشئة.
وفيما يتعلق بقبرص، أكد ذاميانوس أن قطاع التكنولوجيا المحلي ينمو بمعدلات مزدوجة، مع نشاط متزايد في مجال الذكاء الاصطناعي. وأوضح أن الحكومة تعمل على تحديث البنية التحتية التقنية والانتقال إلى الحوسبة السحابية، مشيراً إلى أن مناقصة أُطلقت لإنشاء سحابة حكومية هجينة تنفذ سياسة "السحابة العامة أولاً".
أشار إلى خطة شاملة لتحديث الأنظمة الحكومية وتوحيد البيانات بين المؤسسات العامة، مؤكداً أن الأشهر الـ 12 المقبلة ستشهد تقدماً كبيراً في مشروعات التحول الرقمي. ومن أبرز المشاريع التي ذكرها: نظام إدارة المدارس الجديد الذي بدأ تطبيقه هذا الشهر، نظام أتمتة مكاتب البريد المقرر إطلاقه في تشرين الثاني/نوفمبر، نظام موحد للضرائب بحلول العام المقبل، نظام متكامل للتأمينات الاجتماعية قيد الإطلاق، سجل إلكتروني موحد للشركات، نظام جديد للنقل البري بحلول أيلول/سبتمبر المقبل.
كما أشار ذاميانوس إلى أن مشروع العدالة الإلكترونية عاد إلى مساره الصحيح، ومن المتوقع تسليم مرحلته الأساسية منتصف العام المقبل.
تحدث ذاميانوس أيضاً عن تطبيق "المواطن الرقمي" الذي يضم حالياً 120 ألف مستخدم مسجل، وأول أداة للذكاء الاصطناعي في القطاع العام، "المساعد الرقمي"، الذي أجاب حتى الآن عن نحو 200 ألف استفسار حول أكثر من 110 موضوعات.
كما أشار إلى إطلاق التوقيع الإلكتروني الوطني المستخدم لتوقيع المستندات القانونية، إضافة إلى خدمات إلكترونية جديدة قادمة في مجالات التأمينات الاجتماعية، الرعاية الاجتماعية، التخطيط العمراني، وإدارة المباني.
وفي مجال الذكاء الاصطناعي، أوضح أن الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي ستُنجز بنهاية العام، بالتعاون مع فريق العمل الوطني للذكاء الاصطناعي، وتهدف إلى تسريع كفاءة القطاعين العام والخاص. كما أعلن عن تعاون مع الحكومة اليونانية من خلال "مصنع الذكاء الاصطناعي فاروس، لإنشاء فضاء مشترك للذكاء الاصطناعي باللغة اليونانية.
أكد ذاميانوس أن الهدف الأوسع هو جعل الحكومة مصدراً موحداً وموثوقاً للبيانات الخاصة بالمواطنين والشركات، مشدداً على أن التكامل بين الحكومة والقطاع الصناعي هو ما سيحقق الفائدة الحقيقية للمجتمع.
واختتم حديثه بالإشارة إلى أن قبرص باعتبارها من الدول الرائدة في مجال الاتصال الرقمي في أوروبا، حصدت الجائزة الأوروبية الأولى للاتصال الرقمي لعام 2025، بفضل مشروعها الوطني لتوصيل الإنترنت فائق السرعة لجميع السكان، مؤكداً أن قبرص في طريقها لتصبح مركزاً إقليمياً للتكنولوجيا والابتكار والمعرفة في شرق المتوسط.


تعليقات
إرسال تعليق