جرس إنذار أوروبي: النمسا تقود تحالف "الترحيل الصارم" وتدعو لإعادة المجرمين إلى سوريا وأفغانستان
وزير داخلية النمسا كارنر يطالب بتوحيد الجهود لترحيل السوريين من جميع دول الاتحاد ويدفع نحو إنشاء "مراكز عودة" خارج أوروبا
في سياق مشحون بالجدل السياسي والأمني، ركزت أعمال مجلس وزراء الداخلية الأوروبيين، المنعقد في لوكسمبورغ بتاريخ 14 أكتوبر 2025، على ملفي الهجرة والترحيل، حيث قاد وزير الداخلية النمساوي غيرهارد كارنر (Gerhard Karner) دفة النقاش نحو اتخاذ إجراءات أكثر صرامة وغير تقليدية لمعالجة تدفقات الهجرة غير الشرعية. وأبرز ما شغل الوزير النمساوي هو قضية ترحيل السوريين والمجرمين المدانين إلى بلدانهم الأصلية، بما في ذلك المناطق التي كانت تعتبر في السابق خطيرة.
النموذج النمساوي: ترحيل مباشر إلى سوريا
في بيان صادر عن وزارة الداخلية النمساوية (BMI)، أكد كارنر أن النمسا باتت الدولة الأوروبية الوحيدة التي نجحت في تنفيذ عمليات ترحيل للمواطنين السوريين إلى بلدهم الأم، وهي خطوة لم تجرؤ عليها أي دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي منذ حوالي 15 عاماً.
واعتبر كارنر هذا الإنجاز نموذجاً يجب تعميمه، مؤكداً أن الهدف هو "تمكين عمليات الترحيل إلى سوريا من جميع الدول الأوروبية الأخرى أيضاً". وشدد الوزير على أن تحقيق ذلك يتطلب "تعاوناً وثيقاً وتحالفات قوية داخل أوروبا"، داعياً بقية العواصم الأوروبية إلى اتخاذ نفس الإجراءات ضد المجرمين والأشخاص الذين لا يملكون حق الإقامة.
تحالف الضرورة: ترحيل المجرمين إلى سوريا وأفغانستان
قبيل بدء الاجتماع، أدلى الوزير كارنر بتصريح ناري أكد فيه على ضرورة تبني أوروبا لموقف أكثر تشدداً واتساقاً في تنفيذ قرارات الترحيل، قائلاً:
"يجب على أوروبا أن تصبح أكثر صرامة وأكثر اتساقاً في تنفيذ عمليات الترحيل. وهذا يعني أيضاً تنفيذ عمليات ترحيل للمجرمين المدانين والأشخاص الذين لا يملكون حق الإقامة إلى دول مثل سوريا أو أفغانستان".
وكشف كارنر أنه تبادل وجهات النظر مع نظيره الألماني ألكسندر دوبريندت (Alexander Dobrindt) حول هذه المسألة الحساسة. وأعرب عن اقتناعه بأن "الدول الأوروبية الأخرى ستتبع مثال النمسا وستقوم بترحيل المجرمين المدانين مباشرة إلى سوريا"، مؤكداً استعداد النمسا لـ "مشاركة الخبرات السابقة" في هذا المجال.
مراكز العودة خارج أوروبا: ضربة قاصمة للمهربين
لم يتوقف طموح كارنر عند الترحيل إلى دول النزاع، بل دفع أيضاً نحو طرح إحدى أكثر الأفكار إثارة للجدل على طاولة وزراء الداخلية: إنشاء "مراكز العودة" خارج القارة الأوروبية.
وصرّح كارنر بأن المشاورات ستركز على "الضرورات القانونية لإنشاء مراكز عودة خارج أوروبا"، مؤكداً أن هذه الخطوة "يجب اتخاذها بسرعة لإحباط أعمال مافيا المهربين وبالتالي تخفيف الضغط على أوروبا بشكل مستدام". وتهدف هذه المراكز إلى معالجة طلبات اللجوء في "دول ثالثة" آمنة، مما يزيل الحافز الأساسي للمهاجرين للوصول إلى الأراضي الأوروبية.
معضلة إعادة التوزيع: النمسا ترفض بشدة
كان موضوع إجراءات اللجوء في "دول ثالثة" محور اهتمام رئيسي في الاجتماعات، حيث شدد كارنر على أن إمكانية إجراءات اللجوء خارج حدود الاتحاد الأوروبي هي شرط أساسي لـ "مواصلة دفع الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا نحو الصفر".
في هذا السياق، أكد كارنر أن هذا الإجراء سيجعل "إعادة توزيع طالبي اللجوء في أوروبا أمراً غير ضروري". وأشار إلى أن النمسا كانت دائماً وأبداً ضد سياسة إعادة التوزيع، التي وصفها بأنها "لم تنجح في الماضي من الناحية العملية"، مذكراً بأن النمسا قدمت "مساهمة أعلى من المتوسط" في استقبال طالبي اللجوء على مدى السنوات العشر الماضية.
تُظهر تصريحات وزير الداخلية النمساوي أن كتلة متنامية من الدول الأوروبية باتت مستعدة لاتخاذ قرارات صارمة كانت في السابق من المحرمات السياسية، وذلك في محاولة لفرض السيطرة الكاملة على حدود الاتحاد الأوروبي الداخلية والخارجية.

تعليقات
إرسال تعليق