في تصريحات مثيرة للجدل، اتهم قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف بـ”حميدتي”، الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان بالانحياز إلى تيارات الإسلام السياسي، مشيرًا إلى أن المؤسسة العسكرية تعاني من انقسامات داخلية وتهميش ممنهج. وقال دقلو إن السودان يمر بمرحلة تأسيس دولة جديدة يجب أن تُبنى على أسس العدالة، لا على إرث من الظلم المتجذر أو المحاباة القبلية. وأضاف أن نحو 90% من الجيش السوداني بات مرتبطًا بما وصفه بـ”الميليشيات الإسلامية”، لكنه أشار إلى أن هذا النفوذ بدأ يتراجع تدريجيًا، في ظل تغيرات ميدانية وسياسية متسارعة.
وجّه دقلو انتقادات حادة إلى آليات اختيار الطلاب في الكلية الحربية، معتبرًا أنها تفتقر إلى الشفافية وتُفضّل مكونات اجتماعية محددة دون غيرها. وأشار إلى أن محاولات شقيقه عبد الرحيم دقلو للتواصل مع البرهان بشأن هذه المسألة لم تلقَ أي استجابة. كما ندد بما وصفه بتهميش القبائل المنحدرة من غرب السودان، مطالبًا بتمثيل عادل في مؤسسات الدولة ومراكز القرار. هذه التصريحات تأتي في وقت يشهد فيه السودان تصاعدًا في الخطاب السياسي المتعلق بإعادة هيكلة الدولة، وسط انقسامات حادة بين المكونات العسكرية والمدنية.
في خطوة لافتة، أعلن دقلو تعليق صادرات المحاصيل والثروة الحيوانية إلى الخارج، متعهدًا بإيجاد بدائل جديدة تهدف إلى حماية الإنتاج المحلي ومصالح المواطنين. وأوضح أن هذه الإجراءات تأتي في إطار رؤية اقتصادية تهدف إلى تعزيز الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الأسواق الخارجية، خاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد. ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها محاولة لإعادة توجيه الموارد نحو الداخل، في وقت يعاني فيه السودان من أزمة اقتصادية خانقة وتراجع حاد في مؤشرات التنمية.
سلّط دقلو الضوء على مدينة نيالا، واصفًا إياها بأنها العاصمة المستقبلية لـ”سودان جديد”، مشيرًا إلى أنها ستضم مدارس ومستشفيات وأسواقًا حديثة. ودعا إلى إنشاء حكومات محلية ومجالس صغيرة تخدم المواطنين وتُعزز التعايش بين قبائل دارفور، مؤكدًا أن الاستقرار الاجتماعي يبدأ من القاعدة المحلية. وتأتي هذه التصريحات في سياق محاولة قوات الدعم السريع تقديم نفسها كطرف فاعل في إعادة بناء الدولة، خاصة في المناطق التي تشهد توترات مزمنة ونقصًا في الخدمات الأساسية.
شدد دقلو على ضرورة أن تبقى الأسلحة تحت سيطرة الدولة، محذرًا من انتشار المركبات القتالية غير المرخصة في مختلف أنحاء البلاد. وأكد أن ضبط السلاح يمثل أولوية قصوى لضمان الأمن والاستقرار، داعيًا الإدارات المدنية إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لمعالجة المشكلات العامة، بعيدًا عن الصراعات السياسية أو التنافس على النفوذ. وتأتي هذه الدعوة في ظل تصاعد المخاوف من تفكك المنظومة الأمنية وتنامي ظاهرة انتشار السلاح خارج إطار الدولة، ما يهدد بزيادة حدة النزاع في مناطق متعددة من السودان

تعليقات
إرسال تعليق